مغالق القلوب على ذلك التدبير العجيب الغريب. (ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذلِكَ لَمَيِّتُونَ. ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ تُبْعَثُونَ) فهو الموت نهاية الحياة الارضية. وبرزخ ما بين الموت والقيامة. وبعد ذلك تبدأ الحياة الخالدة اما في النعيم واما في الجحيم. (وَلَقَدْ خَلَقْنا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرائِقَ. وَما كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غافِلِينَ) ان السياق يمضي في استعراض هذه الدلائل. وهو يربط بينها جميعا. يربط بينها بوصفها من دلائل القدرة. ومن ثم يربط بين هذه المشاهد الكونية وبين اطوار النشأة الانسانية. في سياق السورة (وَلَقَدْ خَلَقْنا فَوْقَكُمْ ..) والطرائق هي الطبقات بعضها فوق بعض. وقد يكون المقصود سبع مدارات فلكية. او سبع مجموعات نجمية. أو سبع كتل سديمية ـ كما يقول الفلكيون ـ هي التي تكون منها المجموعات النجمية. وعلى اية حال فهي سبع طرائق فوق البشر. (وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ) وهنا تتصل تلك الطرائق بالأرض. فالماء نازل من السماء وله علاقة بتلك الافلاك (وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ) بحكمة وتدبير لا اكثر فيغرق ويفسد. ولا اقل فيكون الجدب والمحل. ولا في غير اوانه فيبدد ويتلف ولا ينفع فسبحان المدبر الحكيم.
(وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْناءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ (٢٠) وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِها وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْها تَأْكُلُونَ (٢١) وَعَلَيْها وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ (٢٢) وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ فَقالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ (٢٣) فَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ ما هذا إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شاءَ اللهُ لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً ما سَمِعْنا بِهذا فِي آبائِنَا الْأَوَّلِينَ (٢٤) إِنْ هُوَ إِلاَّ رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ (٢٥))
البيان : (وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً) فهذه المخلوقات المسخرة للانسان بقدرة الله وتدبيره. وتوزيعها للوظائف والخصائص في هذا الكون الكبير. فيها عبرة لمن ينظر بعين صحيحة وقلب مفتوح ويتدبر ما وراءها من حكمة ومن تقدير. ويرى ان اللبن السائغ اللطيف الذي