آلِهَةً ما وَرَدُوها) وهو برهان وجداني ينتزع من هذا المشهد المعروض (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ) (لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها) ولفظة حسيسها ينبىء عن عظمة صوت النار. وشدة زفرتها حين يلقى فيها اعداء الله فالمتقون لا يرون هذا الفزع ولا يسمعون حسه (كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ) واذا هناك عالم غير هذا العالم الضيق الصغير لانه وقتي وفان لا يدوم.
(يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنا إِنَّا كُنَّا فاعِلِينَ (١٠٤) وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ (١٠٥) إِنَّ فِي هَذَا لَبَلَاغًا لِّقَوْمٍ عَابِدِينَ (١٠٦) وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ (١٠٧) قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَهَلْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ (١٠٨) فَإِن تَوَلَّوْا فَقُلْ آذَنتُكُمْ عَلَى سَوَاءٍ وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَم بَعِيدٌ مَّا تُوعَدُونَ (١٠٩) إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ وَيَعْلَمُ مَا تَكْتُمُونَ (١١٠) وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَّكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (١١١) قَالَ رَبِّ احْكُم بِالْحَقِّ وَرَبُّنَا الرَّحْمَنُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ (١١٢))
البيان : الزبور اما ان يكون كتابا بعينه. هو الذي انزل على داود (ع) ويكون الذكر هو التوراة التي سبقت الزبور. واما ان يكون وصفا لكل كتاب انزله الله عزوجل على رسله وعلى اية حال فالمقصود بقوله : (وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ) سنة الله المقررة في وراثة الارض (يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ) فما هي هذه الوراثة. ومن هم عباد الله الصالحون
عن الامام الباقر (ع) في قوله (أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ) قال (ع) : هم الامام المهدي المنتظر (ع) واصحابه في آخر الزمان. وفي ما رواه العامة عن رسول الله ص وآله انه قال : لو لم يبق من الدنيا الا يوم واحد. لطول الله ذلك اليوم. حتى يبعث رجلا من اهل بيتي. يملأ الارض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا). وفي هذا المضمون اخبار لا تحصى كما عليه الفرقة المحقة (إِنَّ فِي هذا لَبَلاغاً لِقَوْمٍ عابِدِينَ