ان الذين يقيسون أعمال الله سبحانه الى أعمال المخلوقات هم جاهلون لعظمته التي لا تغلب ولا تقهر ولا يعجزها شيء. فاما الذين يعرفون الفارق الهائل بين قدرة المخلوق والخالق. فانهم لا يسألون ولا يتعجبون ولا يستبعدون مهما رأوا وشاهدوا من الخوارق فان علمهم وايمانهم بقدرة الله تعالى أعظم مما صار وما يصير. ومما رأوا وسمعوا مهما كان نوعه. لان اعمال الله عزوجل غير خاضعة لمقييس المخلوقات مهما كان نوعها ومكانتها وتدبيرها. فاذا النار الملتهبة التي كان الطير لا يقدر على المرور فوقها فاذا هي (بردا وسلاما وروضة من رياض الجنة
(وَأَرادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْناهُمُ الْأَخْسَرِينَ) هنا لذة العبودية لهذا المعبود العظيم الذي لا يقهر وهنا الافتخار الهائل لمن عبد هذا الاله العظيم على كل من عبد سواه واعتمد عليه وهو مثله ضعيف فقير. لو نزل به ما نزل باتباعه لكان مثلهم محتاج الى المنقذ والمساعد والمعين.
ومما يروى أن الملك نمرود الذي جلس على منصّة عالية ينظر كيف تحرق النار ابراهيم الذي قد صرف الناس عن عبادته وعبادة أصنامه جعل ينظر الى ابراهيم وهو يهوى في وسط النار واذا به ينزل في روضة وسط النار والاشجار حوله والماء محيط به وهو جالس مع جبرائيل يوانسه. فلما انتهت النار من حوله تقدم نمرود وسأل ابراهيم من فعل بك هذا يا ابراهيم؟. قال (ع) فعل هذا آله ابراهيم الذي هو على كل شيء قدير. فقال نمرود حقا انه عظيم فمن أراد أن يعبد آلها فليعبد رب ابراهيم. ولكن لابد من النكسة بعد ذلك لحفظ المصالح الخاصة.
(وَنَجَّيْناهُ وَلُوطاً إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها لِلْعالَمِينَ (٧١) وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً وَكُلاًّ جَعَلْنا صالِحِينَ (٧٢) وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ