أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ (٦١) قالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هذا بِآلِهَتِنا يا إِبْراهِيمُ (٦٢) قالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ (٦٣) فَرَجَعُوا إِلى أَنْفُسِهِمْ فَقالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ (٦٤) ثُمَّ نُكِسُوا عَلى رُؤُسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ ما هؤُلاءِ يَنْطِقُونَ (٦٥) قالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُكُمْ شَيْئاً وَلا يَضُرُّكُمْ (٦٦) أُفٍّ لَكُمْ وَلِما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ (٦٧) قالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ (٦٨) قُلْنا يا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ (٦٩) وَأَرادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْناهُمُ الْأَخْسَرِينَ (٧٠))
البيان : آتيناه رشده. أي كنا عالمين بحاله وباستعداده لحمل الامانة بحق واخلاص. (إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ) فكانت قولته هذه دليل على رشده. ونعت تلك الاصنام باسمها (ما هذِهِ التَّماثِيلُ) واستنكر أن يعكفوا عليها بالعبادة. وكلمة (عاكِفُونَ) تفيد الانكباب الدائم المستمر. فكان جوابهم وحجتهم أن (قالُوا وَجَدْنا آباءَنا لَها عابِدِينَ) وهو جواب يدل على التحجر العقلي والنفسي داخل قوالب التقليد الميتة. في مقابل حرية معنوية للايمان الصحيح. (قالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) فالقيم لا تنبع من تقليد الاباء وتقديسهم. انما تنبع من جوهرية الذات لمن يستحق العبادة والتقديس. وبهذه الصراحة في الحكم راحوا يسألون :
(قالُوا أَجِئْتَنا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ) وهو سؤال لا يخرج الا من مزعزعي العقيدة المشكوك بصحتها. والعبادة الصحيحة لا تقوم الا على اليقين الثابت كايمان ابراهيم (ع) الواثق المستيقن بربه. (قالَ بَلْ رَبُّكُمْ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ) فهذه هي العقيدة المستقيمة الناصعة. انه واثق وثوق من شاهد بعينه حقيقة الشيء. (وَتَاللهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ).
وتحولت الالهة المعبودة الى كومة ركام. الا كبير الاصنام فقد تركه ابراهيم (ع) ليتم به مراده وعاد القوم فنظروا الى ما أصاب الهتهم