مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها وَكَفى بِنا حاسِبِينَ (٤٧) وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى وَهارُونَ الْفُرْقانَ وَضِياءً وَذِكْراً لِلْمُتَّقِينَ (٤٨) الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ (٤٩) وَهذا ذِكْرٌ مُبارَكٌ أَنْزَلْناهُ أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ (٥٠))
البيان : النفحة تطلق غالبا في الرحمة. ولكنها هنا تطلق في العذاب. كأنما يراد منها السخرية والاستهزاء بهم مثل قوله عزوجل (فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) (فَما زالَتْ تِلْكَ دَعْواهُمْ حَتَّى جَعَلْناهُمْ .. حَصِيداً) اذن فهو الاعتراف حيث لا ينفعهم اعتراف ولا ندم. (وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ).
وحبة الخردل تصور أصغر ما تراه العيون وأخفه في الميزان. وهي لا تترك يوم الحساب. (فلتنظر نفس ما قدمت لغد). وليصغ قلب الى النذير. وليبادر الغافلون المعرضون المستهزأون قبل أن يحق العذاب عليهم ويأتيهم الموت بغتة وهم لا يشعرون.
(وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى وَهارُونَ الْفُرْقانَ وَضِياءً ...) فها هو يكشف لهم أن ارسال الرسل من البشر ويسمى الكتاب الفرقان وهي صفة القرآن المجيد. وجعل التوراة (ضياء) يكشف ظلمات القلب والعقيدة. وظلمات الضلال والباطل. وان القلب ليظلم حتى تشرق فيه شعلة الايمان. وجعل التوراة كالقرآن (ذِكْراً لِلْمُتَّقِينَ) تذكرهم بخالقهم الذين يخشون ربهم بالغيب) ..
(وَلَقَدْ آتَيْنا إِبْراهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عالِمِينَ (٥١) إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ ما هذِهِ التَّماثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَها عاكِفُونَ (٥٢) قالُوا وَجَدْنا آباءَنا لَها عابِدِينَ (٥٣) قالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٥٤) قالُوا أَجِئْتَنا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اللاَّعِبِينَ (٥٥) قالَ بَلْ رَبُّكُمْ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلى ذلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ (٥٦) وَتَاللهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ (٥٧) فَجَعَلَهُمْ جُذاذاً إِلاَّ كَبِيراً لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ (٥٨) قالُوا مَنْ فَعَلَ هذا بِآلِهَتِنا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ (٥٩) قالُوا سَمِعْنا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقالُ لَهُ إِبْراهِيمُ (٦٠) قالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلى