البيان : ان هؤلاء الكفار يكفرون بالخالق العظيم. فليس عليهم بكثير اذا استهزأوا برسوله الذي سفه آلهتهم. وسخف عقولهم وقبح أعمالهم. (أَهذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ).
(خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ) : فالعجلة من طبيعة الانسان وتكوينه. وهو يمد بصره دائما الى ماوراء اللحظة الحاضرة. وهؤلاء المشركون كانوا يستعجلون العذاب من الله عزوجل وهو يتأناهم رفقا بهم لعلهم يرجعون عن غيهم وطغيانهم. ويحذرهم ما أصاب من قبلهم : (لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلا عَنْ ظُهُورِهِمْ) ذلك عند الموت فورا.
(وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٤١) قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ مِنَ الرَّحْمنِ بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُعْرِضُونَ (٤٢) أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنا لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ وَلا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ (٤٣)
بَلْ مَتَّعْنا هؤُلاءِ وَآباءَهُمْ حَتَّى طالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ أَفَلا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها أَفَهُمُ الْغالِبُونَ (٤٤) قُلْ إِنَّما أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ وَلا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعاءَ إِذا ما يُنْذَرُونَ (٤٥))
البيان : (بَلْ مَتَّعْنا هؤُلاءِ) فهو المتاع الطويل الموروث الذي أفسد فطرتهم. والمتاع ترف. والترف يفسد القلب. وينتهي الى ضعف الحساسية الروحية. وانطماس البصيرة دون تأمل آياته الباهرة. وهذا هو الابتلاء بالنعمة حين لا يستيقظ الانسان لنفسه ويراقبها ويصلها دائما بخالقها العظيم الغني الكريم. حين لا تنساه فينساها. فاليقظة ضرورية (قُلْ إِنَّما أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ) فليحذروا أن يكونوا هم الصم الذين لا يسمعون ما انزل رب العالمين.
(وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ (٤٦) وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ