فقالوا : انه سحر وسحره الذي اطلعه على نجوانا الخفية (بَلْ قالُوا أَضْغاثُ أَحْلامٍ ...)
ولم يثبتوا على صفة من الصفات : (ما آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها) لان الذي سلاحه العناد لا ينفعه شيء مهما كان واضحا وجليا.
(ما آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ (٦) وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (٧) وَما جَعَلْناهُمْ جَسَداً لا يَأْكُلُونَ الطَّعامَ وَما كانُوا خالِدِينَ (٨) ثُمَّ صَدَقْناهُمُ الْوَعْدَ فَأَنْجَيْناهُمْ وَمَنْ نَشاءُ وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ (٩) لَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ كِتاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ (١٠))
البيان : لقد اقتضت حكمة الله عزوجل ان يكون الرسل من البشر. يتلقون الوحي من الله فيدعون الناس لما فيه سعادتهم وربحهم في الدنيا والاخرة ولذلك أطاعوا الله وأجابوا داعيه.
(لَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ كِتاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ) ان معجزة القرآن المجيد معجزة مفتوحة للاجيال. وليست كالخوارق التي كانت تحصل للانبياء السابقين وتنتهي وتزول بزوالهم لانها موقتة. لان القرآن معجزة الدهور والاجيال الى منتهى الابد. وقد كان فيه ذكر العرب ومجدهم حين حملوا رسالته المشرقة. فشرقوا وغربوا ببركتها. وفتحوا البلاد وأضاؤوها بالعلم والايمان. ذلك ما كان يشير اليه القرآن. وهم معرضون عنه ويواجهوه بالغفلة والتكذيب (أَفَلا تَعْقِلُونَ).
(وَكَمْ قَصَمْنا مِنْ قَرْيَةٍ كانَتْ ظالِمَةً وَأَنْشَأْنا بَعْدَها قَوْماً آخَرِينَ (١١) فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنا إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ (١٢) لا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ (١٣) قالُوا يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ (١٤) فَما زالَتْ تِلْكَ دَعْواهُمْ حَتَّى جَعَلْناهُمْ حَصِيداً خامِدِينَ (١٥) وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ (١٦)
لَوْ أَرَدْنا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً لاتَّخَذْناهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فاعِلِينَ (١٧) بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذا هُوَ زاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ (١٨) وَلَهُ مَنْ