الثالث : ينتهي بتوجيه الرسول ص وآله الى بيان وظيفته (قل انما أنذركم بالوحي).
الرابع : فيعرض النهاية والمصير. في مشهد من مشاهد القيامة المثيرة. والان نأخذ بالتفصيل : (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ. ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ ..)
مطلع قويّ يهزّ الغافلين هزا. والحساب يقترب وهم في غفلة. والآيات تعرض وهم معرضون عن الهدى. وكلما جاءهم من القرآن جديد قابلوه بالاستهتار. (لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ).
انها صورة للنفوس المطموسة. والنفس التي تفرغ من الجد والقداسة وتنتهي الى التلف. فلا تصلح للنهوض بعد. ان روح الاستهتار التي تلو بالمقدسات هي روح مريضة. وهؤلاء الذين كانوا يواجهون ما ينزل من القرآن يصفهم بالغفلة عن اقتراب أجلهم. والمؤمنون يتلقون ذلك بالاهتمام الذي يذهل القلوب الحية. يقول بعضهم : نزلت اليوم سورة أذهلتنا عن الدنيا (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ) وهذا هو الفارق بين القلوب الحية بالايمان. والقلوب الميتة من الضلال والاجرام ، التي تكفن ميتتها بالهوى ولا تتأثر بالذكر لانها خاوية من مقومات الحياة الروحية.
(وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا) ... (أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ) فهم على موت قلوبهم وفراغها من الحياة لم يكونوا يملكون أنفسهم من أن تتزلزل بهذا القرآن المجيد. فكانوا يقولون محمد بشر فكيف نؤمن له. وقد أخبرهم الله بنجواهم الخفية التي لم يطلع عليها الا الله وهذا اعجاز ولكن لمن له قلب. (قالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ ..) فما من نجوى في مكان الا وهو مطلع عليها. (ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ .. وَلا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ).