(إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) يسمع ويرى كل ما لطف ودق. وخفى على اسماع وابصار مخلوقاته من اللطائف والأسرار. والسياق يتنقل في آية الافتتاح من صيغة التسبيح لله الى غيرها وفقا لدقائق الدلالات التعبيرية بميزان دقيق حساس. فالتسبيح يرتفع موجها الى ذات الله سبحانه وتقرير القصد من الاسرار يجيء منه تعالى نصا. والوصف بالسمع والبصر يجيء في صورة الخبر الثابت لذات الآلهية. وتجتمع هذه الصيغ المختلفة في الآية الواحدة. لتؤدي دلالاتها بدقة كاملة.
هذا الاسراء آية من آيات الله تعالى. وهو نقلة عجيبة بالقياس الى مألوف البشر والمسجد الاقصى هو طرف الرحلة. وهو قلب الارض المقدسة التي اسكنها الله موسى وبني اسرائيل ثم اخرجهم منها. فسيرة موسى وبني اسرائيل تجيء هنا في مكانها المناسب (وَآتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَجَعَلْناهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلاً) وهذه الحلقة من سيرة بني اسرائيل لا تذكر في القرآن الا في هذه السورة وهي تتضمن نهاية بني اسرائيل التي صاروا اليها. ودالت دولتهم بها. وذلك الانذار وهذا التذكير مصداق لوعد الله الذي يتضمنه سياق السورة.
ولقد خاطبهم بأسم آبائهم الذين حملهم مع نوح. وهو خلاصة البشر على عهد الرسول الاول في الارض. خاطبهم بهذا النسب ليذكرهم باستخلاص الله تعالى لآبائهم الاولين مع نوح (ع)
(وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً (٤) فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ وَكانَ وَعْداً مَفْعُولاً (٥) ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً (٦))
(إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا ما