وذلك لكي لا تنسى هذه الصفة ، ولا يلتبس مقام العبودية بمقام الالوهية ، كما التبسا في العقائد المسيحية بعد عيسى (ع) بسبب ما لابس مولده ووفاته. وبسبب الآيات التي أعطيت له فاتخذها بعضهم سببا للخلط بين مقام العبودية. ومقام الالوهية ، وبذلك تبقى للعقيدة الاسلامية ببساطتها ونصاعتها. وتنزيهها للذات الآلهية عن كل شبهة من شرك او مشابهة من قريب أو من بعيد.
والاسراء من السرى : السير ليلا. فكلمة (أَسْرى) تحمل معها زمانها. ولا تحتاج الى ذكره. ولكن السياق ينص على الليل (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً) وهي تتملى حركة الاسراء.
والرحلة من المسجد الحرام الى المسجد الاقصى رحلة مختارة من اللطيف الخبير. تربط بين عقائد التوحيد الكبرى من لدن ابراهيم واسماعيل (ع) الى محمد ص وآله خاتم المرسلين. وتربط بين الاماكن المقدسة وتشمل آمادا وآفاقا أوسع من الزمان والمكان تتكشف عنها للنظرة الاولى. ووصف المسجد الاقصى بانه (الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ) أي باركناه.
والاسراء آية صاحبتها آيات : (لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا) والنقلة العجيبة بين المسجد الحرام والمسجد الاقصى في البرهة الوجيزة التي لم يبرد فيها فراش الرسول ص وآله. ايا كانت صورتها وكيفيتها فهي آية من آيات الله عزوجل. تفتح القلوب على آفاق عجيبة في هذا الوجود. وتكشف عن الطاقات المخبئوة في كيان هذا المخلوق النوراني الروحاني البشري والاستعدادات اللدنية التي يتهيأ بها لأستقبال فيض القدرة في اشخاص المختارين. من هذا الجنس الذي كرمه الله وحمله في البر والبحر. وفضله على كثير من خلقه واودع فيه هذه الاسرار اللطيفة.