الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ إِلاَّ مَتاعٌ (٢٦) وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنابَ (٢٧) الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللهِ أَلا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (٢٨) الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ طُوبى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ (٢٩))
البيان : انهم ينقضون عهد الله المأخوذ على الفطرة البشرية ، فمتى نقض العهد الاول فكل عهد قائم عليه منقوض من الاساس. والذي لا يرعى عهد الله فبالاولى ان لا يرعى عهد سواه من المخلوقات ، أولئك هم المبعدون المطرودون ولهم اللعنة ولهم سوء الدار.
(وَفَرِحُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتاعٌ) : ومتاع الدنيا مع كونه زائل وفان فانه مشوّه بالكدورات والمصائب والمتاعب التي تتضاخم بمقدار ما ينال المرء من هذه الدنيا الفانية : (وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا : لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ).
ان الرد على طلبهم آية خارقة. ان الايات ليست هي التي تقود الناس الى الايمان قهرا وجبرا مع العناد واتباع الاهواء ، واتباع الجرائم والفساد في الارض وظلم المخلوقات :
(الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللهِ) : تطمئن باحساسها بالصلة بالله والانس بجواره والامن مع طاعته وفي حماه ، وكفالته.
وليس على وجه الارض أشقى ممن يحرمون هذه الطمأنينة في جنب الله وطاعته. ليس أشقى ممن ينطلق في هذه الارض مبتور الصلة بما حوله في الكون ، لانه انفصم عن العروة الوثقى التي تربطه بعناية الله عزوجل. ليس أشقى ممن يسير في الارض لا يدري لم جاء ولم يذهب. وما سيكون عاقبة مسيره. ليس أشقى في الحياة ممن يشق طريقه شاردا في ظلمات الهوى وعبودية الشهوات الحيوانية ، وحده بلا ناصر ولا معين.