ان هناك ومضات في الحياة لا يصمد لها بشر الا ان يكون مرتكنا الى الله العلي العظيم. مطمئنا الى كفايته وحمايته. فمهما تراكمت حوله الاهوال فهو في أمن وأمان واطمئنان ففي الحياة لحظات تعصف لا يصمد لها الا المطمئنون بعناية الله وحراسته.
(كَذلِكَ أَرْسَلْناكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِها أُمَمٌ لِتَتْلُوَا عَلَيْهِمُ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمنِ قُلْ هُوَ رَبِّي لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتابِ (٣٠) وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعاً
أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشاءُ اللهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعاً وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِما صَنَعُوا قارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِنْ دارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللهِ إِنَّ اللهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ (٣١))
البيان : العجب انهم يكفرون بالرحمن العظيم الذي تطمئن القلوب بذكره واستشعار رحمته.
ولقد صنع هذا القرآن المجيد في النفوس التي تلقته منفتحة ، وتكيفت به اكثر من تسيير الجبال ، لقد صنع في هذه النفوس خوارق أضخم آثارا في أقدار الحياة ، فكم غيّر الاسلام والمسلمون من وجه الارض ومن عليها. الى جانب ما غيّروا من وجه التاريخ الخالد.
وان طبيعة هذا القرآن ذاتها. طبيعته في دعوته وفي تعبيره وموضوعه وأدائه ، ان طبيعة هذا القرآن لتحتوي على قوة خارقة نافذة ، يحسها كل من له ذوق وبصر وادراك.
وهو تاريخ الامم والاجيال. ولقد أحيى ما هو احمد من الموتى : (بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعاً) فاذا كان قوم بعد هذا القرآن لم تتحرك قلوبهم ، فما أجدر بالمؤمنين الذين يحاولون تحريكها ان ييأسوا من القوم وان يدعوا الامر لله وحده (فلو شاء لهدى الناس) بالقوة والقهر. ولكن لم يرد هذا بل أراد ان يبين ويبرهن ويظهر الادلة والحقائق ويترك للناس