(قُلِ اللهُ أَسْرَعُ مَكْراً) فالله أقدر على التدبر وابطال ما تمكرون ، فلا يخفى عليه شيء في الارض ولا في السماء ، ولا ما يظهروا وما تكنه الصدور. وهو اللطيف الخبير :
(يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّما بَغْيُكُمْ عَلى أَنْفُسِكُمْ) سواء كان بغيا على النفس خاصة بايرادها موارد الهلكة ، والزج بها في ركب الندامة الخاصة بالمعصية ، أو كان بغيا على الناس. والناس حين يجتمعون على البغي ، يذوقون عاقبته في حياتهم الدنيا ، قبل أن يذوقوا عقابه في الاخرة ، (مَتاعَ الْحَياةِ الدُّنْيا) والدنيا كالخيال او كسراب يحسبه الظماء ماء.
(وَاللهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ ، وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ)
فيالبعد الشقة بين دار يمكن أن تطمس في لحظة ، وقد أخذت زخرفها وأزينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها. فاذا هي حصيد كأن لم تغن بالامس.
ودار السّلام التي يدعو الله عزوجل عباده اليها دائمة لا تزول ولا تنفذ وفيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ، ويراها الانسان بالعيان حينما تصفى سريرته ويطهر قلبه ويصبح لا يرى أمامه الا ما له قيمة أو وزن :
(الا رضا الله عزوجل والجنة لا غير)
(إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعامُ حَتَّى إِذا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَيْها أَتاها أَمْرُنا لَيْلاً أَوْ نَهاراً فَجَعَلْناها حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (٢٤) وَاللهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٢٥)
لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٢٦) وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئاتِ جَزاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِها وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ما لَهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ عاصِمٍ كَأَنَّما أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِماً أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٢٧))