فنقول : أنّ حقيقة الابطال بمقتضى وضع باب الأفعال ، إحداث البطلان في العمل الصحيح وجعله باطلا ، نظير قولك : أقمت زيدا ، أو أجلسته ، أو أغنيته ، والآية بهذا المعنى راجع إلى النهي عن جعل العمل لغوا لا يترتب عليه أثر كالمعدوم ، بعد أن لم يكن كذلك.
فالإبطال هنا نظير الابطال في قوله تعالى : (لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِ
______________________________________________________
(فنقول) : المعنى الأوّل : (انّ حقيقة الابطال بمقتضى وضع باب الأفعال) حيث يدل على احداث الفعل المجرد مثل : «أكرم» أي : احدث الكرم ، و «أفهم» أي : أحدث الفهم و «أعلم» أي : احدث العلم وهكذا ، غير ان ذلك فيما إذا لم يكن هناك قرينة خارجية ، وإلّا فالمعنى يكون بحسب القرينة الخارجية مثل : «أنجد» أي : دخل النجد إلى غير ذلك ممّا ذكروه في الصرف.
وعليه : فمقتضى الوضع هنا هو : (إحداث البطلان في العمل الصحيح وجعله باطلا) وذلك بابطاله بعد العمل بمثل العجب ، والكفر ، والشرك ، وما أشبه ذلك.
وعلى هذا المعنى يكون ما نحن فيه (نظير قولك : أقمت زيدا) بمعنى : أحدثت فيه القيام بعد ان لم يكن قائما (أو أجلسته) أي : احدثت فيه الجلوس بعد أن لم يكن جالسا (أو أغنيته) أي : أحدثت فيه الغنى بعد أن كان فقيرا.
(والآية بهذا المعنى راجع إلى النهي عن جعل العمل لغوا لا يترتب عليه أثر) في الدنيا ولا ثواب في الآخرة ، وذلك بان يجعله (كالمعدوم ، بعد أن لم يكن كذلك) أي : لم يكن معدوما ، والمراد من جعله كالمعدوم بعد أن كان موجودا هو : إذهاب فوائده وآثاره بسبب ارتكاب بعض الأعمال المبطلة للعمل بعد الاتيان به.
إذن : (فالإبطال هنا نظير الابطال في قوله تعالى : (لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِ