ويمكن توجيه كلامه بارادة استحقاق عقاب ذي المقدمة حين ترك المقدمة ، فان من شرب العصير العنبي غير ملتفت حين الشرب إلى احتمال كونه حراما قبح توجه النهي إليه في هذا الزمان ، لغفلته وإنّما يعاقب على النهي الموجّه اليه قبل ذلك حين التفت إلى أنّ في الشريعة تكاليف لا يمكن امتثالها إلّا بعد معرفتها ، فاذا ترك المعرفة عوقب عليه
______________________________________________________
لا على انه لما ذا لم يؤدي الواجب ، ولما ذا فعل الحرام؟ والمراد ببعض المدققين هو صاحب الذخيرة كما في بعض الحواشي.
(ويمكن توجيه كلامه) أي : كلام المدارك بغير ما ذكره صاحب الذخيرة وذلك (بارادة استحقاق عقاب ذي المقدمة حين ترك المقدمة) فان من ترك التعلم ملتفتا إلى وجوب التعلم واتفق مخالفته للواقع ، يعاقب لكن لا على المخالفة نفسها ، لأن المفروض : انه غافل حين المخالفة ، وعقاب الغافل قبيح ، ولا على ترك التعلم وحده ، لأن المفروض : عدم الوجوب النفسي للتعلم ، وإنّما يعاقب على ترك التعلم من حيث إفضائه إلى المخالفة ـ كما قال ـ :
(فان من شرب العصير العنبي) حال كونه (غير ملتفت حين الشرب إلى احتمال كونه حراما) لغفلته عن ذلك غفلة مطلقة ، فقد (قبح توجه النهي إليه في هذا الزمان) وذلك (لغفلته) وقد عرفت : ان الغافل لا يصح مخاطبته ، فلا يصح معاقبته.
إذن : فلا يعاقب حين المخالفة لفرض غفلته (وإنّما يعاقب على النهي الموجّه اليه قبل ذلك) أي : قبل حال الغفلة ، يعني : (حين التفت إلى انّ في الشريعة تكاليف لا يمكن امتثالها إلّا بعد معرفتها ، فاذا ترك المعرفة عوقب عليه) أي : على ذلك التكليف المتروك ، لكن من حين ترك المعرفة بعد التفاته ، فيكون