الدالّ على البراءة ، لانّ البيان الذي لا بدّ منه في التكليف قد وصل من الشارع ، فلا يقبح المؤاخذة على ترك ما بيّنه تفصيلا ، فاذا شك في تحققه في الخارج فالأصل عدمه ، والعقل أيضا يحكم بوجوب القطع باحراز ما علم وجوبه تفصيلا ، أعني : المفهوم المعيّن المأمور به ، ألا ترى أنّه لو شك في وجود باقي الأجزاء المعلومة ، كأن لم يعلم أنّه أتى بها أم لا ، كان مقتضى العقل والاستصحاب وجوب الاتيان بها.
______________________________________________________
الدالّ على البراءة).
وإنما لا يجري دليل البراءة هنا (لانّ البيان الذي لا بدّ منه في التكليف قد وصل من الشارع) فالمفهوم حسب الفرض مبيّن ، وإنّما الاشتباه في بعض الامور الخارجية (فلا يقبح المؤاخذة على ترك ما بيّنه تفصيلا) إذا لم يأت بالأكثر.
وعليه : (فاذا شك في تحققه في الخارج فالأصل عدمه) أي : عدم تحقق ذلك المفهوم المبيّن خارجا لو أتى بالأقل.
هذا (والعقل أيضا) أي : كالاستصحاب وقاعدة الاشتغال (يحكم) حكما بالاستقلال (بوجوب القطع باحراز ما علم وجوبه تفصيلا) وما علم وجوبه هو ما فسره المصنّف بقوله : (أعني : المفهوم المعيّن المأمور به) فيلزم حينئذ الاحتياط والاتيان بالأكثر لاحراز ما علم وجوبه.
(ألا ترى : انّه لو شك في وجود باقي الأجزاء المعلومة كأن لم يعلم انّه أتى بها أم لا ، كان مقتضى العقل والاستصحاب : وجوب الاتيان بها) أي : بتلك الأجزاء المعلومة ، فكذا الأجزاء المشكوكة.
وعليه : فاذا لم يعلم انه صام تسعة وعشرين يوما أو أقل ، أو شك في انه مسح رأسه أم لا ، فانه كما يجب الاتيان بالتاسع والعشرين ، وبمسح الرأس الذين هما