فالتخيير مع جريان هذا الأصل تخيير مع وجود الدليل الشرعي المعيّن لحكم المسألة المتعارض فيها النصّان. بخلاف التخيير مع جريان تلك الاصول ، فانّه تخيير بين المتكافئين عند فقد دليل ثالث في موردهما.
هذا ، ولكن الانصاف : إنّ أخبار التخيير حاكمة على هذا الأصل وإن كان جاريا في المسألة الاصولية ،
______________________________________________________
التخيير تجعل أحد الخبرين المتعارضين دليلا اجتهاديا ، ومعلوم انه لا يبقى مع الدليل الاجتهادي مسرح للاصول العملية ، بينما الاطلاق اللفظي هو بنفسه دليل اجتهادي ، فلا يبقى معه مسرح لأخبار التخيير ، لأنّ أخبار التخيير إنما هي حكم المتحير والاطلاق بنفسه يزيل التحيّر.
إذن : (فالتخيير مع جريان هذا الأصل) اللفظي وهو الاطلاق (تخيير مع وجود الدليل الشرعي) المخرج عن التحيّر ، وحيث لا تحيّر لم يكن التخيير مرجعا ، بل المرجع هو الاطلاق (المعيّن لحكم المسألة المتعارض فيها النصان) فيلزم اسقاط النصين والرجوع إلى المطلق.
(بخلاف التخيير مع جريان تلك الاصول) العملية (فانّه تخيير بين المتكافئين عند فقد دليل ثالث) كالاطلاق ـ مثلا ـ (في موردهما) فيلزم فيه تقديم التخيير على تلك الاصول العملية.
وان شئت قلت : ان الاصول العملية ليست في مرتبة الخبرين المتكافئين ، فلا بد من العمل بأحدهما الذي هو التخيير.
(هذا) تمام الكلام في وجه تقديم المطلق على الخبرين المتكافئين.
(ولكن الانصاف : أنّ أخبار التخيير حاكمة على هذا الأصل) أيضا وهو أصالة الاطلاق (وإن كان) هذا الأصل اللفظي (جاريا في المسألة الاصولية) لا الفرعية.