ثمّ إنّ الظنّ الغير المعتبر حكمه حكم الشكّ ، كما لا يخفى.
وممّا ذكرنا ـ من تأخّر مرتبة الحكم الظاهريّ عن الحكم الواقعيّ ، لأجل تقييد موضوعه بالشكّ في الحكم الواقعيّ ـ
______________________________________________________
لأن الفقيه هو الذي يستخرج الاصول من الأدلة الأربعة ، وكلّ واحد منهما وإن صحّ إطلاقه على الآخر إلّا أنّ التخصيص لأجل التمييز بينهما.
أمّا الفرق بين المجتهد والفقيه فهو أنّ الأوّل يقال له من حيث إنّه بذل وسعه واجتهد في تحصيل الأحكام ، والثاني يقال : لأنّه فهم وفقه ، فكأن الأوّل بمنزلة المقدمّة للثاني ، ولذا يصح أن يقال : اجتهد ففقه ، ولا يصح أن يقال : فقه فاجتهد ، وعلى أي حال فانّه لا مشاحة في الاصطلاح.
(ثم انّ الظّنّ غير المعتبر) الذي لم يعتبره عقل كما في الانسداد ، ولا شرع كما في الخبر الواحد ، والظواهر ، وما أشبه (حكمه حكم الشّك) في الرجوع الى الأصول العمليّة ، لأنّه كلما لم يكن هناك علم ولا علمي ـ والمراد بالعلمي : الظّنون المعتبرة ـ فالمرجع الاصول العمليّة المذكورة : من الاستصحاب ، والبراءة ، والاحتياط ، والتخيير (كما لا يخفى) إذ المكلّف شاكّ في الحكم حينئذ ، وكونه ظانّا لا ينافي كونه شاكا ، فانّ الشّكّ الذي هو المعيار في الرجوع الى الاصول العمليّة أعم من الظّنّ والشّكّ.
(وممّا ذكرنا من تأخّر مرتبة الحكم الظّاهريّ عن الحكم الواقعيّ لأجل تقييد موضوعه) أي : موضوع الحكم الظاهريّ (بالشّكّ في الحكم الواقعي) فقد تقدّم منّا : بأنّ موضوع الحليّة الظاهريّة في باب التبغ ، هو التبغ المشكوك حكمه الواقعي ، ومن المعلوم : إنّ هذا العنوان لا يتحقق إلّا بعد جعل حكم للتبغ في الواقع ، ثم إنّ المكلّف يشك في ذلك الحكم ، فيترتب عليه الحكم الظاهري بالحليّة.