والحاصل : انّ تعليل الأخذ بخلاف العامّة في هذه الروايات بكونه أقرب إلى الواقع ، حتّى انّه يجعل دليلا مستقلّا عند فقد من يرجع إليه في البلد ، ظاهر في وجوب الترجيح بكل ما هو من قبيل هذه الأمارة في كون مضمونه مظنّة الرشد.
______________________________________________________
تعمل كلّ منهما على خلاف الأخرى.
ومن المعلوم : إنّ الأئمة عليهمالسلام كانوا الخلفاء المنصوص عليهم من الله ورسوله ، وكانوا يذكّرون الناس بذلك ويحكمون على قلوبهم وأفكارهم ، وكان الناس ينظرون اليهم بهذا المنظار ممّا يثير قلق حكام الجور ، فيعملون على مخالفتهم وطمس ذكرهم ، وممّا يدل على أن الأئمة عليهمالسلام كانوا يدعون إلى حقهم ويذكّرون الناس بذلك ، دعمهم لمن قام من بني الزهراء عليهاالسلام بثورات ضد الحاكمين الغاصبين بالدعاء لهم والترحم عليهم.
(والحاصل : انّ تعليل الأخذ بخلاف العامّة في هذه الرّوايات بكونه) أي : بكون ذلك الخلاف (أقرب إلى الواقع ، حتّى انّه يجعل دليلا مستقلا عند فقد من يرجع إليه في البلد) من فقهاء الشيعة وعلمائهم كما في قوله عليهالسلام : «ائت فقيه البلد فاستفته في أمرك ، فإذا أفتاك بشيء فخذ بخلافه فانّ الحق فيه» (١) فانّ هذا التعليل (ظاهر في وجوب الترجيح بكلّ ما هو من قبيل هذه الأمارة في كون مضمونه مظنّة الرشد).
وإنّما ذكرنا المظنّة ، لوضوح : إنّ المستفتي من فقيه البلد لا يقطع بأن خلاف
__________________
(١) ـ تهذيب الأحكام : ج ٦ ص ٢٩٤ ب ٢٢ ح ٢٧ ، علل الشرائع : ص ٥٣١ ح ٤ ، وسائل الشيعة : ج ٢٧ ص ١١٥ ب ٩ ح ٣٣٣٥٦ ، بحار الانوار : ج ٢ ص ٢٣٣ ب ٢٩ ح ١٤.