نعم ، قد يعلم من الخارج كون المراد هو الحكم الواقعيّ ، فالظنّ به
______________________________________________________
مثلا : قول الشارع : (وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ)(١) لو ظنّنا من الخارج إنّ مراده : عدالة الزوج في المحبة القلبية بين زوجاته المتعددات ، فانّه لا يمكن أن نقول : أنّ مراد الشارع ذلك ، وان كانت العدالة القلبية بين الزوجات شبه المحال ، إذ لعلّ مراد الشارع من هذه الآية المباركة عدالة الحكام في قضايا النزاعات بين النساء ، حيث كثيرا ما يميل قلب الحاكم الى طلاق الزوجة ، لأنه يريدها لولده ـ مثلا ـ أو ما أشبه ذلك ، فقد ذكر بعضهم : انّ هذا هو المراد من الآية المباركة بقرينة السياق ، حيث قال سبحانه : (وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً ، فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحاً ، وَالصُّلْحُ خَيْرٌ ، وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ ، وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً* وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ ، فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً* وَإِنْ يَتَفَرَّقا يُغْنِ اللهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكانَ اللهُ واسِعاً حَكِيماً)(٢).
فان قرينة الآية المتقدّمة (وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا) ظاهرة في هذا المعنى ، فلا يكون تناف بين هذه الآية المباركة ، وآية : (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً ...)(٣) والكلام في هذا الموضوع موكول الى محلّه ، وانّما ذكرناه من باب المثال.
ثم انّ المصنّف استثنى من قوله : «ولا ملازمة بينه وبين الظنّ» بقوله : (نعم ، قد يعلم من الخارج : كون المراد هو الحكم الواقعي ، فالظنّ به) أي : بالحكم
__________________
(١) ـ سورة النساء : الآية ١٢٩.
(٢) ـ سورة النساء : الآيات ١٢٨ ـ ١٣٠.
(٣) ـ سورة النساء : الآية ٣.