مع أنّ الانصاف : أنّ النظر والاستدلال بالبراهين العقليّة للشخص المتفطّن لوجوب النظر في الاصول لا يفيد بنفسه الجزم ،
______________________________________________________
والجواب : أمّا عن الذي قلّد في الحقّ ، فعدم استحقاقه العقاب بأنّ استحقاقه الجنة ، فلانه سلك الطريق الموصول الى الجنة.
وأمّا عن الذي قلّد في الباطل فمن يقول : انّه يستحق العقاب إذا لم يكن مقصّرا؟ بل يمتحن هناك في القيامة كما دلّ عليه النص وقول العلماء ، فحالهما حال نفرين : قلّد أحدهما من دلّه على الطّريق ، والثاني من دلّه على خلاف الطّريق ، فانّ الأول : يصل دون الثاني.
وكيف كان : فالكلام تارة في الوصول وعدم الوصول ، واخرى في العقاب وعدم العقاب.
ثمّ انّ المصنّف أيّد ما ذكره : من كفاية التقليد بقوله : (مع أنّ الانصاف : انّ النّظر والاستدلال بالبراهين العقلية للشخص المتفطّن بوجوب النظر في الاصول ، لا يفيد بنفسه الجزم) وإنّما يحتاج الى لطف الله سبحانه وتعالى وسلوك طريقه ، والتضرع إليه ، حتى يمنحه تعالى النور ، كما في الحديث الشريف : «ليس العلم بكثرة التعلّم وإنّما هو نور يقذفه الله في قلب من يشاء» (١).
أقول : ومن المعلوم : انّ مشيئة الله سبحانه وتعالى ليست اعتباطا ، بل باسبابها الخاصة ، وقد ذكرنا معنى هذا الحديث في : «الفقه : كتاب الآداب والسنن» (٢) فلا يقال ، كيف حصل العلم الكثير من الكفار الذين يناوئون الاسلام كما نجد
__________________
(١) ـ منية المريد : ص ٦٩ ، مصباح الشريعة ص ١٦ ، بحار الانوار : ج ٧٠ ص ١٤٠ ب ٥٢ ح ٥.
(٢) ـ راجع موسوعة الفقه : ج ٩٤ ـ ٩٧ للشارح.