ومع ذلك يحصل الظنّ أو خصوص الاطمئنان من القياس ، ولا يجوّز الشارع العمل به فانّ المنع عن العمل بما يقتضيه العقل من الظنّ أو خصوص الاطمئنان لو فرض ممكنا جرى في غير القياس ، فلا يكون العقل مستقلا ، إذ لعلّه نهى عن أمارة ، مثل ما نهى عن القياس بل وأزيد ، واختفى علينا.
______________________________________________________
وذلك بإرادة الشارع غير الظّنّ ممّا لا يصل اليه المكلّف ، وبعمل المكلّف بما هو دون الظنّ من الشّك والوهم.
(ومع ذلك) أي : مع حكم العقل بكون الظّن كالعلم (يحصل الظّنّ أو خصوص الاطمئنان) إذا قلنا بأنّ الظّنّ الاطمئناني حجّة يحصل (من القياس ، و) الحال انّه (لا يجوّز الشارع العمل به؟) أي : بالقياس.
وعليه : (فانّ المنع عن العمل بما يقتضيه العقل من الظّنّ أو خصوص الاطمئنان لو فرض ممكنا) هذا المنع (جرى في غير القياس فلا يكون العقل مستقلا ، إذ لعلّه) أي : لعل الشّارع (نهى عن أمارة مثل ما نهى عن القياس) بأن نهى عن الخبر الواحد ـ مثلا ـ أو الأولويّة ، أو الاجماع المنقول ، أو الاجماع المحصل ، أو غير ذلك.
(بل وأزيد) من أمارة ، بأن منع الشارع عن العمل بأمارتين ـ مثلا ـ أو ثلاث أمارات (واختفى) ذلك المنع من الشارع (علينا).
قال الأوثق : «لأنّ حكم العقل بشيء خصوصا أو عموما ، إنّما هو بعد ملاحظة جميع قيود موضوعه ، التي لها دخل في حكمه ، ولذا لا يمكن عروض التخصيص لعموم حكمه ، لأنه إذا لاحظ موضوعا عامّا ووجده جامعا لجميع القيود ، التي لها دخل في حكمه ، فحكم فيه بشيء ، فاستثناء بعض الأفراد