وهذا الايراد مبنيّ على أنّ المراد بالتبيّن هو التبيّن العلميّ
______________________________________________________
تعالى : (وَرَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَ) (١) حيث أنّ من في الحجور ، ومن في غير الحجور ، متساويان في حرمة الربيبة ، الّا انّ من في الحجور ، أولى في الاجتناب.
الى غير ذلك من الاحتمالات ، التي تسبب ذكر صفة خاصة ، مع انّ الحكم للأعم من المتّصف وغير المتّصف.
ثمّ انه قد ذكرنا : التعارض بين المفهوم وهو : انّ خبر العادل حجّة ، وبين التعليل ، وهو أنّ كل خبر يحتمل الندم في اتباعه ولو كان خبر العادل ليس بحجّة ، فيرجّح التعليل على المفهوم ، ممّا يسبب عدم حجّية خبر العادل.
لكن في الآية احتمال آخر ، وهو : إن المراد بالتبيّن : الظهور العرفي الأعم من العلم والاطمينان ، فكل خبر يطمأن إليه عرفا ، لا يحتاج الى التبيّن ، والعادل يطمأن الى خبره ، بخلاف الفاسق ، فلا عموم للتعليل ، اذ العمل بعد الاطمينان الحاصل بسبب وجود خبر العادل ليس بجهالة ، فان الجهالة في قبال الاطمينان ولو لم يكن علم ، وحيث كان اطمئنان فلا جهالة ، فلا عموم للتعليل يشمل خبر الفاسق.
(و) بذلك تبين : انّ (هذا الايراد) أي تعارض التعليل والمفهوم (مبنيّ على انّ المراد بالتبيّن هو : التبيّن العلميّ) فيكون المعنى : إن جاءكم فاسق بنبإ ، يجب عليكم تحصيل العلم لئلا تصيبوا قوما بجهالة.
ومعنى لا تصيبوا قوما بجهالة : أي لا تفعلوا فعلا بدون العلم ، فيسبب ذلك
__________________
(١) ـ سورة النساء : الآية ٢٣.