وليس في ذلك منافاة لما هو الحقّ ، وعليه الأكثر ، من جواز تخصيص العامّ بمفهوم المخالفة ، لاختصاص ذلك اوّلا بالمخصّص المنفصل.
______________________________________________________
فانّ مفهوم الحديث ـ وهو نجاسة الماء بسبب المنجسات اذا لم يبلغ قد كرّ ـ مخصص للآية المتقدمة.
قلت : (وليس في ذلك) أي : في طرح المفهوم ، والأخذ بعموم التعليل (منافاة لما هو الحقّ ، وعليه الأكثر : من جواز تخصيص العامّ بمفهوم المخالفة).
وانّما لم يكن في ذلك منافاة (لاختصاص ذلك أوّلا : بالمخصّص المنفصل) بمعنى : أن يكون العام والمفهوم ، في كلامين منفصلين ، كما تقدّم : من تخصيص عموم الآية المباركة بمفهوم : «الماء إذا بلغ قد كرّ» (١).
دون ما اذا كان العام والمفهوم في كلام واحد ، كما في آية النبأ حيث عموم التعليل ، والمفهوم متصلان في كلام واحد.
فهو مثل : «أكرم كل عالم ، وأكرم هذا العالم إن جاءك» فانّ مفهوم : إن جاءك ، وهو : لا تكرمه إن لم يجئك ، لا يخصص : أكرم كل عالم ، حتى تكون النتيجة :
عدم إكرام هذا العالم عند عدم المجيء ، بل اللازم إكرام هذا العالم ، سواء جاء أو لم يجيء ، فالعام يقدّم على المفهوم ، لا ان المفهوم يقدّم على العام.
ولعلّ الفرق بين المتصل والمنفصل هو : إنّ في المنفصل : يكون عام وخاص ، فيخصص الخاص العام ـ كما هي القاعدة ـ.
__________________
(١) ـ الكافي (فروع) : ج ٣ ص ١٢ ح ١ وح ٢ ، تهذيب الاحكام : ج ١ ص ١٥٠ ب ٦ ح ١١٨ ، الاستبصار : ج ١ ص ٦ ب ١ ح ١ ، وسائل الشيعة : ج ١ ص ١٥٨ ب ٩ ح ٣٩١ ، من لا يحضره الفقيه : ج ١ ص ٩ ح ١٢.