أنّا نتكلّم في الأحكام التي لم يرد فيها عموم من القرآن والسنّة ، ككثير من أحكام المعاملات ، بل العبادات التي لم ترد فيها إلّا آيات مجملة أو مطلقة من الكتاب ،
______________________________________________________
والسنّة ، وسلّمنا : انّ الأخبار المخالفة للكتاب والسنّة بالعموم والخصوص ، أو بالاطلاق والتقييد يصدق عليها : انها مخالفة لهما.
الّا (انّا نتكلّم في الاحكام التي) لا تستفاد من عمومات الكتاب وان استفيدت من العمومات العامة الفوقية ، مثل قوله تعالى : (خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً) (١) ، وقوله تعالى : (قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً ...) (٢).
وانّما نريد بالأحكام التي لا تستفاد من عمومات الكتاب ، العمومات التي هي قريبة الى تلك الأحكام الجزئية ، فانّه (لم يرد فيها) أي : في تلك الأحكام الجزئية (عموم من القرآن والسنّة ، ككثير من أحكام المعاملات) من الرّهن ، والاجارة ، والمزارعة ، والمساقات ، والشركة ، وغيرها.
(بل العبادات التي لم ترد فيها الّا آيات مجملة) مثل قوله سبحانه :
(أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ ...) (٣) حيث انّ الغسق هل هو أول الليل أو وسطه؟ فقد اختلفوا في ذلك في التفاسير ، وغيرها (أو مطلقة).
اذ بعض آيات الكتاب مطلقة وليست بمجملة ، وانّما تقيّد بسبب الرّوايات ، مثل قوله سبحانه : (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ ...) (٤) حيث انه يشمل كلّ أقسام البيع الأربعة :
من بيع النقد ، والنسيئة ، والكالي بالكالي ، والسلف.
لكنّ الرّوايات خصّصت الآية باخراج الكالي بالكالي (من الكتاب) وكذلك
__________________
(١) ـ سورة البقرة : الآية ٢٩.
(٢) ـ سورة الانعام : الآية ١٤٥.
(٣) ـ سورة الاسراء : الآية ٧٨.
(٤) ـ سورة البقرة : الآية ٢٧٥.