قَالَ هِشَامٌ : بَلَغَنِي (١) مَا كَانَ فِيهِ عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ وَجُلُوسُهُ فِي مَسْجِدِ الْبَصْرَةِ ، فَعَظُمَ ذلِكَ عَلَيَّ ، فَخَرَجْتُ إِلَيْهِ وَدَخَلْتُ الْبَصْرَةَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ، فَأَتَيْتُ مَسْجِدَ الْبَصْرَةِ ، فَإِذَا أَنَا بِحَلْقَةٍ (٢) كَبِيرَةٍ (٣) فِيهَا عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ ، وَعَلَيْهِ شَمْلَةٌ سَوْدَاءُ مُتَّزِراً (٤) بِهَا مِنْ صُوفٍ ، وَشَمْلَةٌ (٥) مُرْتَدِياً (٦) بِهَا وَالنَّاسُ يَسْأَلُونَهُ ، فَاسْتَفْرَجْتُ النَّاسَ ، فَأَفْرَجُوا لِي ثُمَّ قَعَدْتُ فِي آخِرِ الْقَوْمِ عَلى رُكْبَتَيَّ.
ثُمَّ قُلْتُ : أَيُّهَا الْعَالِمُ ، إِنِّي (٧) رَجُلٌ غَرِيبٌ تَأْذَنُ لِي (٨) فِي مَسْأَلَةٍ (٩)؟ فَقَالَ لِي : نَعَمْ ، فَقُلْتُ لَهُ : أَلَكَ عَيْنٌ؟ فَقَالَ (١٠) : يَا بُنَيَّ (١١) ، أَيُّ شَيْءٍ هذَا مِنَ السُّؤَالِ؟ وَشَيْءٌ تَرَاهُ كَيْفَ تَسْأَلُ عَنْهُ؟! فَقُلْتُ : هكَذَا (١٢) مَسْأَلَتِي ، فَقَالَ : يَا بُنَيَّ ، سَلْ وَإِنْ كَانَتْ مَسْأَلَتُكَ حَمْقَاءَ (١٣) ، قُلْتُ : أَجِبْنِي فِيهَا ، قَالَ (١٤) لِي : سَلْ.
__________________
(١) في « بح » : « قد بلغني ».
(٢) « الحلقة » : هي الجماعة من الناس مستديرين ، كحلقة الباب وغيره. وحكي عن أبي عمرو : حَلَقَةٌ ، بالتحريك. انظر : النهاية ، ج ١ ، ص ٤٢٦ ( حلق ).
(٣) في « ب ، بر ، بف » وحاشية « ض » والوافي : « عظيمة ».
(٤) يجوز فيه وما يأتي الرفع والنصب ، والنسخ أيضاً مختلفة. وقال صدر المتألّهين في شرحه ، ص ٤٤٢ : « في نسخه : مؤتزر ، من الإزار ، وهو الصحيح عند ابن الأثير ، والمتّزر خطأ ؛ لأنّ الهمزة لا تدغم في التاء ». انظر : النهاية ، ج ١ ، ص ٤٤ ( أزر ).
(٥) « الشملة » : كساء يتغطّى به ويتلفّف فيه. النهاية ، ج ٢ ، ص ٥٠١ ( شمل ).
(٦) قوله : « مرتدياً بها » أي لابسها. يقال : ارتدى ، أي لبس الرِداء. النهاية ، ج ٢ ، ص ٥٠١ ( شمل ).
(٧) في حاشية « ف » والعلل وكمال الدين والأمالي : « أنا ».
(٨) في الأمالي والعلل وكمال الدين : + « فأسألك ».
(٩) في « ف » : « مسألتي ».
(١٠) في « ض » وحاشية « ج » وشرح صدر المتألّهين : + « لي ».
(١١) في حاشية « ف » : « أي بنيّ ».
(١٢) في حاشية « ف » : « هذا ».
(١٣) في « ض ، بر ، بس » والأمالي : « حمقاً ». ووصف « المسألة » بالحمقاء على سبيل التجوّز مبالغة في حماقة السائل. وربّما يقرأ حُمْق. والحُمْق والحُمُق : قلّة العقل وسخافة الرأي. انظر : شرح المازندراني ، ج ٥ ، ص ١٠٨ ؛ مرآة العقول ، ج ٢ ، ص ٢٦٥ ؛ الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٤٦٤ ( حمق ).
(١٤) في حاشية « ف » والعلل وكمال الدين والأمالي : + « فقال ».