كونه كذلك ، لتردّده بين أن يكون دليله مطلقا أو محدودا إلى حدّ معيّن ، يحرز استعداده للبقاء بحكم الغلبة التي هي حجّة لدى المحقّق القمّي رحمهالله فلا يتوجّه عليه الاعتراض بأنّ الغلبة لا يفيد إلّا الظنّ ، وهو ليس بحجّة كما هو واضح.
وليس كذلك النبوّة ، فانّها وإن كانت من جملة تلك الأحكام التي علمنا ، انّ المراد بها غالبا الاستمرار ، وأنّها ثابتة لموضوعاتها على الإطلاق لا إلى غاية معيّنة ، إلّا أنّ الغالب في صنف هذا الحكم التحديد ، فلا يصحّ إلحاق مشكوكه بسائر الأحكام ، بعد فرض أنّ الغالب في صنفه خلافه ، كما هو واضح.
قوله قدسسره : إمّا أوّلا فلأنّ مورد النقض لا يختصّ بما شكّ في رفع الحكم الشرعي الكلّي ... الخ (١).
أقول : قد أشرنا إلى انّ مقتضى اعتباره إحراز مقدار استعداد المستصحب ، عدم الزامه بحجّية الاستصحاب في الشكّ في المقتضي ، فلا يتوجّه عليه النقض بما يكون الشكّ ناشئا من تبدّل ما يحتمل مدخليته في بقاء الحكم ، كتغيير الماء المتغيّر.
نعم ، لو صرّح في سائر المقامات بحجّية الاستصحاب مطلقا ، حتّى في الشكّ في المقتضى ، لكان ذلك منافيا لما اختاره في هذا المقام ، من اشتراط إحراز مقدار الاستعداد ، حيث أنّ مقتضاه اختصاصه بالشكّ في الرافع ، فالشكّ في المقتضي بنظره ـ على حسب ما اختاره في هذا المقام ـ إمّا خارج عن موضوع الاستصحاب ، لكونه لدى التحقيق راجعا إلى اسراء حكم من موضوع إلى موضوع آخر متّحد معه بالذّات ، مختلف بالصّفات ، أو أنّه غير مشمول لدليل حجّيته ، والله العالم.
__________________
(١) فرائد الاصول : ص ٣٩٢ سطر ٨ ، ٣ / ٢٦٤.