وتوضيح مراد المحقّقين : بحيث يندفع ما قد يتوهّم من أنّ مرجع ما ذكراه إلى التمسّك بالإطلاق لا بالاستصحاب ، هو أن بنائها على أنّه لا بدّ في إجراء الاستصحاب من إحراز كون المستصحب بحيث لو خلّى ونفسه لاستمرّ بقائه إلى زمان الشكّ ، فإن كان حيوانا وجب إحراز كونه من النوع الذي لو لم يعرض عارض يقتضي موته لبقي حيّا بحسب استعداده النوعي ، وإن كان من قبيل إباحة الوطي أو جواز التصرّف في ملك الغير ونحوه ، فلا بدّ من ملاحظة سببه ، فإن كان مردّد سببه بين ما يقتضيه مطلقا ، أو إلى غاية منقضية كعقد النكاح أو الانقطاع والإذن المطلق أو المؤقت ، والانتقال بالبيع أو بالإجارة ونحوها لم يجر الاستصحاب ، وإنّما يجري الاستصحاب بعد إحراز كونه من النوع الذي يقتضي استمراره إلى زمان الشكّ ، بأن كان الشكّ في بقائه ناشئا من احتمال حدوث ما يؤثّر في رفعه ، وإن كان حكما شرعيا فلا بدّ فيه أيضا من إحراز كونه كذلك ، وهذا إنّما يعرف في الأحكام الشرعيّة من إطلاق أدلّتها ، وعدم أخذ غاية أو صفة زائلة قيدا في موضوعها ، بأن قال مثلا «الخمر حرام» و «الحجّ أو الصوم أو الصلاة ونحوها واجبة» من غير تقييدها بقيد أو تحديدها إلى غاية ، فانّه يفهم من مثل هذا التعبير أنّ هذه الأحكام ثابتة في الشريعة على الإطلاق ، ولكن لا على نحو امتنع رفعها ، بل ربّما يوجد ما يوجب رفعها من مرض أو سفر أو حيض أو واجب أهمّ ، أو غير ذلك من موانع التكليف ، فمتى شكّ في حدوث شيء من تلك الروافع ، أو في رافعية أمر موجود ـ كما في الشبهات الحكمية ـ احتيج إلى التمسّك بالاستصحاب.
ولا يجدي إحراز إطلاقها من حيث هي في جواز التمسّك بها على الإطلاق في موارد الشكّ.
ضرورة أنّه قلّما يكون للمطلقات إطلاق أحوالي من جميع الجهات ، بحيث يصحّ التمسّك بها في جميع موارد الشكّ ، ألا ترى أنّه لو شكّ في حل الغنم الموطوءة لا