حاكمة على استصحاب
الحدث.
وامّا الصورة
الثالثة : وهي ما لو علم بسبق طهارته عن الأصغر والأكبر ، فهي أيضا كسابقتها ، حيث
إنّ انتقاض طهارته عن الحدث الأصغر بالمعلوم بالإجمال معلوم ، وعن الأكبر غير
معلوم ، فيستصحب طهارته عن الأكبر ، وأثره جواز الدخول في الصّلاة بعد الوضوء ،
فهو بمنزلة ما لو شكّ ابتداء في عروض سبب الجنابة ، ثمّ بال أو خرج منه البول
واحتمل اشتماله على المني ، في أنّه لا يحصل له القطع بارتفاع حدثه بعد الوضوء ،
ولكنّه يرجع إلى اصالة عدم الجنابة الحاكمة على استصحاب مطلق الحدث ، ويرتّب عليها
جواز الدخول في الصّلاة مع الوضوء ، هذا كلّه فيما لو علم بحالته السابقة.
وامّا لو لم
يعلمها ، فيجب عليها الجمع بين الطهارتين للعلم الإجمالي بتأثير الأمر الحادث في
تنجيز خطاب مردّد بين الوضوء والغسل ، فأصالة عدم حدوث سبب الغسل يعارضها استصحاب
عدم سبب الوضوء.
هذا ما سطّرناه في
الحاشية القديمة بأدنى اختلاف في التعبير. والحقّ عدم الفرق بين الصورة الثالثة ،
وبين ما لو لم يعلم بحالته السابقة ، إذ ليس جواز الدخول في الصّلاة مع الوضوء من
آثار عدم الجنابة أو الطهارة عن الحدث الأكبر ، بل أثر عدم الجنابة عدم وجوب الغسل
عليه ، وعدم كونه ممنوعا عن الصلاة من حيث الجنابة.
وامّا جوازها مع
الوضوء ، فهو من آثار كونه محدثا بالأصغر ، لا عدم كونه محدثا بالأكبر ـ كما سيشير
إليه المصنّف رحمهالله ـ والفرق بين هذه الصورة وبين المثالين الذين أوردناه نقضا
، حيث أنّ اصالة عدم الجنابة فيهما حاكمة على استصحاب الحدث ـ كما في الصورة
الثانية ـ هو أنّه يجب على من بال أو خرج منه شيء آخر من موجبات الوضوء ، أن
يتوضّأ لصلاته ، إلّا أن يكون جنبا ، فيكون أصالة عدم الجنابة أصلا موضوعيّا حاكما
على استصحاب الحدث في المثالين.