الأخبار دالّة على مسألة اصولية ، أو قلنا بأنّ مضمونها حكم عملي صرف ، فليتأمّل.
قوله قدسسره : ومثل ما لو أمر بالطهور لأجل الصلاة ... الخ (١).
أقول : إن جعلنا «الطّهور» اسما لذات الفعل الرافع للحدث ، فحاله حال لفظ الوضوء والغسل والتيمّم في كونه مجملا ، وإن جعلناه مرادفا لمفهوم الفعل الرافع للحدث ، فيكون قول الشارع «تطهّر» بمنزلة ما لو قال «افعل الفعل الرافع للحدث» ، وقد أشرنا آنفا إلى أنّ هذا النحو من التعبيرات ، كالتعبير بلفظ «حصّل مرادي من لفظ الوضوء» لا يخرجه عن حدّ كونه تكليفا بالمجمل ، بعد فرض إجمال الفعل المقصود بها ، وإن كان قد نلتزم فيها بوجوب الاحتياط على تأمّل فيه ، فيما إذا كان بيان المقصود من وظيفة الأمر ، وبيّن منه عدّة أجزاء ، واحتمل جزئية شيء آخر له ممّا لم يبيّنه ، خصوصا مع اعتراف الأمر بتقصيره في البيان ، كما فيما نحن فيه.
بل الإنصاف أنّه لا أثر لمثل هذه الألفاظ المجملة لدى التحليل ، بل هي بأسرها من قبيل التكليف بالمجمل الذي لا يصلح دليلا لتنجّز التكليف إلّا بالأقلّ.
نعم ، لو قلنا بأنّ «الطّهور» نظافة معنوية ، وهي فعل توليدي من أفعال الطهارات الثلاث ، قابل لأن يتعلّق به الطلب بواسطة مقدّماته المقدورة ، وقد اعتبره الشارع شرطا للصلاة ، اندرج حينئذ في التكليف بالمبيّن الذي يجب القطع بحصوله في مقام الامتثال بالاحتياط ، ولا يجديه حينئذ إجمال مقدّماته ، وهذا بخلاف ما لو كان التكليف متعلّقا بنفس المقدّمات ، كما لو قلنا بأنّ «الطّهور» اسم لها ، أو إنّه من لوازمها التي بلحاظها تعلّق الأمر بها ، من غير أن يكون بنفسها عنوانا للمأمور به ، فتأمّل.
__________________
(١) فرائد الأصول : ص ٢٨٤ سطر ١ ، ٢ / ٣٥٢.