من ذلك ، إلّا على تقدير عجزه عنه واقعيا ، ولا يكفي في ذلك مجرّد احتمال العجز ، سواء كان منشؤه العجز عن بعض محتملات الواجب عينا أو تخييرا ، أو احتمال عجزه عن بعض المحتملات ، أو عن أصل الواجب.
كيف ، ولو جاز الرجوع إلى أصل البراءة في نفي وجوب سائر المحتملات عند العجز عن بعض أو مطلقا ، لجاز الرجوع إليه عند احتماله أيضا ، أو احتمال تعدّد أصل الواجب ، من غير فحص ، إذ لا يجب الفحص في الشّبهات الموضوعيّة ، وهو واضح الفساد.
نعم ، حال الواجبات المشروطة بالنسبة إلى شرائطها الوجوبية ، حال المحرّمات في أنّ تنجّز التكليف بها من آثار العلم بتحقّق شرائطها ، لا بأصل التكليف ، فلا بدّ فيها أيضا من أن يكون العلم المتعلّق بحصول الشرائط صالحا للتأثير كما في المحرّمات. ومن هذا القبيل ما لو قال الشارع مثلا «يجب إكرام كلّ عالم من أهل البلد» أو «يجب الصلاة على كلّ ميّت مسلم» أو نحو ذلك ، فانّ هذا النحو من التكاليف كلّها واجبات مشروطة بتحقّق موضوعاتها ، فلو لم يعلم المكلّف بوجود عالم في البلد لا يتنجّز في حقّه التكليف ، ولا يجب الفحص عنه ما لم يعلم بوجوده إجمالا ، ويرجع في موارد الشّك إلى أصل البراءة ، ومع العلم الإجمالي بوجود عالم مردّد بين أشخاص محصورة إلى قاعدة الاحتياط ، بشرط أن يكون العلم الإجمالي صالحا للتأثير لا مطلقا. وهذا بخلاف ما لو تعلّق طلب مطلق بإكرام عالم مثلا ، فانّه يجب حينئذ الفحص عن مصداق العالم ، أو الخروج عن عهدة التكليف بالموافقة القطعية مع الإمكان ، وإلّا فما هو الأقرب إليه فالأقرب ، حتّى إنّه لو لم يوجد عالم وتمكّن من تعليم أحد ، بحيث اندرج في موضوع العالم من غير مشقّة رافعة للتكليف ، وجب عليه ذلك من باب المقدّمة ، وهذا بخلاف الفرض الأوّل ، الذي جعل فيه «العالم» بنفسه موضوعا لوجوب الإكرام ، لا إكرامه من حيث هو