ان قلت : على هذا يلزم انه لو اقيم دليل على اعتبار القاعدة يعارضه دليل الاستصحاب.
قلت : لو اقيم دليل غير الاستصحاب على اعتبار القاعدة كان ذلك الدليل مخصصا لدليل الاستصحاب بالنسبة الى مورد القاعدة.
وربما يقال ان هذه القاعدة معتبرة بسيرة العقلاء. ويرد عليه انه ليس الامر كذلك بل الامر بالعكس مثلا اذا قصد شخص قتل شخص آخر ورماه بسهم ووجد ذلك الشخص ميتا ولكن شك في أنه مات بسهم الرامي وكان بحيث لو لم يكن مانع عن الوصول لوصل اليه وقتله هل يقتل الرامي قصاصا أو هل يؤخذ منه الدية ، بمقتضى القاعدة؟ الظاهر انه ليس الامر كذلك.
ثم انه وقع الكلام بين القوم في أنه هل يشمل دليل الاستصحاب قاعدة اليقين أم لا؟ الحق عدم الشمول اذ المستفاد من ادلة الاستصحاب عبارة عن جر الحكم السابق الى زمان الشك ، فقد فرض في دليل الاستصحاب الشك العارض بعد فرض اليقين أو جر موضوع معلوم سابقا ومشكوك فيه لا حقا فلا ينطبق على الشك الساري.
وصفوة القول : ان المستفاد من دليل الاستصحاب ان موضوعه الشك في بقاء ما تيقن به المكلف.
ويمكن تقريب المدعى بوجه آخر وهو ان الظاهر من الدليل ترتيب الحكم على الموضوع الفعلي ومن الظاهر ان الشك الطاري يجتمع مع اليقين الفعلي وأما الشك الساري فلا يجتمع مع اليقين الفعلي ولذا يقال الشك الساري.
مضافا الى أن مقتضى الاستصحاب عدم تحقق المشكوك فيه. وبعبارة واضحة لا اشكال في أن الشك الطاري مورد دليل الاستصحاب ولا يختص الدليل بخصوص الشك الساري.