لكون النقل المفروض مسبوقا بالتجوّز ، والغالب فيه مراعاة الأقرب إلى الحقيقة ؛ ولذا يحمل اللفظ عليه عند الإطلاق قبل حصول النقل بعد تعذّر الحقيقة.
وبالجملة : يجب الحكم بأنّ المنقول إليه هو المجاز الّذي يجب حمل اللفظ عليه مع عدم ثبوت النقل ، سواء كان باعتبار غلبة استعمال اللفظ فيه الّتي هي أحد وجوه الأقربيّة ، أو باعتبار المناسبة الاعتباريّة التي هي أحد وجوهها أيضا ، كذا قيل.
وأنت خبير بأنّه إن علم تحقّق الغلبة بالنسبة إلى أحدهما بخصوصه فلا مجال للشك ، وإلّا فمجرّد الأقربيّة غير قاض بذلك ؛ لتفرّع النقل على غلبة الاستعمال ، وهي إنّما تتبع شدّة الحاجة لا مجرّد القرب من الحقيقة كما مرّ.
وليس الوجه في حمل اللفظ على أقرب المجازات بعد تعذّر الحقيقة كونه غالبا في الاستعمالات ، بل لكون نفس الأقربية معيّنة له عند انتفاء القرينة المعيّنة والمفروض انتفاء العلم في المقام بوجود القرينة المعيّنة وعدمه ، فكيف يمكن الحكم بحصول الغلبة في المعنى المفروض بمجرّد ما ذكر؟.
إلّا أن يقال : إنّ الأصل عدم الحاجة إلى القرينة المعيّنة لما استعمل فيه فيتعيّن بملاحظة ذلك كون المعنى المذكور هو الشائع في استعماله ، لافتقار غيره إلى القرينة المعيّنة. وفيه ما لا يخفى.
ومنها : أنه إذا ورد لفظ في كلام الشارع أو الأئمّة عليهمالسلام واختلف معناه بحسب اللغة والعرف العامّ فلا إشكال في حمله على الأوّل لو علم بتأخّر العرف ، كما أنّه لا إشكال في حمله على الثاني مع ثبوت تقدّمه ، وإنّما الإشكال فيما إذا لم يثبت أحد الوجهين ودار الأمر بين الحمل على كلّ من المعنيين ، فهل يحكم بتقديم اللغة أو العرف قولان؟
فالمحكي عن بعضهم ترجيح الأوّل.
وعن الشيخ والعلّامة والشهيدين والبيضاوي القول بالثاني ، وهو الأظهر ؛ إذ الغالب في المعاني العرفيّة العامّة ثبوتها من قديم الزمان كما يعرف ذلك بعد