وأما الإطلاق ، ففيه : انّ الخطاب بالأخذ بأي الخبرين انما هو متوجه إلى من يأتيه خبران متعارضان وهو متحير في مقام الأخذ. وليس للأدلة إطلاق يعم من أخذ بأحد الخبرين وخرج عن التحير ، فالتخيير فيما نحن فيه ليس من التخيير في الحكم الفرعي ، كالتخيير بين القصر والإتمام ، ليثبت استمراره بالاستصحاب ، أو بإطلاق الدليل. فهو على فرض ثبوته بدوي لا استمراري.
هذا تمام الكلام في تعارض الخبرين بالتباين.
المقام الثاني : فيما إذا كانت المعارضة بينهما بالعموم من وجه ، وقد بينا ان المعارضة بين الخبرين قد تكون بالتباين ، وقد تقدم الكلام فيها. وقد تكون بالعموم من وجه. ولم نر من العلماء من تعرض للمعارضة بالعموم من وجه ، سوى ان شيخنا الأنصاري ذكر واحتمل فيها احتمالين :
أحدهما : ان تكون المعارضة بينهما في الدلالة ، فيسقطان ، ويرجع إلى الأصول العملية.
ثانيهما : ان تكون المعارضة بينهما في السند ، فيرجع إلى الترجيح ، وبعده إلى التخيير.
ثم ذكر مبعدا للثاني ، بأن المعارضة لو كانت في السند ، ورجعنا إلى المرجح السندي ، فان طرحنا الخبر المرجوح رأسا لزم طرحه في مقدار من مدلوله من غير سبب ومعارضة ، إذ المعارضة ليست في تمام مدلولهما ، بل هي في مورد الاجتماع دون مورد الافتراق. وان طرحناه في المجمع فقط ، فلازمه الالتزام بصدور الخبر الواحد من جهة دون جهة ، أي في بعض مدلوله دون بعض ، وهو بعيد جدا.
والميرزا أيضا تعرض لذلك ، وزاد على ما أفاده الشيخ ، انه وان لم يمكن الرجوع إلى مرجحات أصل الصدور ، إلّا أنه لا مانع من الرجوع إلى المرجحات