نعم ظنه حجة على نفسه ، وله أن يعمل به إلّا ان الغير لا يجوز له الرجوع إليه.
الجهة الثالثة : الكلام في التجزي. وهو يقع في مقامين :
أحدهما : في بيان الموضوع.
ثانيهما : في حكم المتجزي.
أما المقام الأول : فذهب فيه بعض إلى استحالة التجزي في الاجتهاد ، لأنه أمر بسيط ، سواء كان بمعنى القدرة أو الاستنباط الفعلي ، فلا معنى فيه للتبعيض والتجزي. وأوجبه الآخوند في الكفاية (١) ، إذ عدمه يستلزم الطفرة ، وهو محال.
والصحيح : عدم تمامية شيء من الأمرين.
أمّا الاستحالة ، فلأنّ المراد من التجزي والتبعيض في الاجتهاد ليس هو البعض من المركب ، والجزء من الكل ، ليستلزم التركيب وينافي بساطة الاجتهاد ، بل المراد بالبعض هو البعض بمعنى جزئي الكلي ، فانه يستعمل البعض في الفرد ، فيقال : الإنسان بعض الحيوان ، وزيد بعض الإنسان. والاجتهاد على القولين له افراد ولو كان بسيطا ، فاستنباط كل فرع ، أو القوة على استنباطه ، فرد من افراد الملكة أو الاستنباط ، فالتجزي في الاجتهاد عبارة عن حصول بعض تلك الافراد دون بعض. ويمكن ان يكون الإنسان متمكنا من استنباط المسائل غير المبنية على المباحث الغامضة العقلية ، كبحث اجتماع الأمر والنهي مثلا ، ومتمكنا من غيرها ، أو متمكنا من استنباط المسائل التي ليس لمدركها معارض ، بخلاف غيرها ، فيكون متجزيا.
__________________
(١) كفاية الأصول : ٢ ـ ٤٢٨.