اعتباره جنسا ، فلم يمكن اعتبار تلك الأعراض فصلا ، ولا المجموع نوعا آخر ، وكيف يمكن اعتبار ذلك نوعا آخر ، مع أنّ المفروض كونه بدون تلك الأعراض نوعا أخيرا؟! هذا خلف.
وحيث عرفت ما ذكرنا ، علم أنّ هذا الإشكال ، في الفرق بين الجنس والمادّة والصّورة والفصل والنّوع ، والاشتباه بينها ، الذي يكون رفعه بتلك الاعتبارات المذكورة إنّما يكون فيما ذاته مركّبة ، أي في النّوع الجوهريّ الذي يكون ذاته مركّبة من مادّة وصورة ، كالجسم والحيوان ، وأمّا فيما ذاته بسيطة غير مركّبة فيهما ، كبعض الأنواع الجوهريّة ، مثل العقل والنّفس ، بل الهيولى الاولى أيضا وكأنواع الأعراض مطلقا ، سواء كانت أنواعا عالية أو سافلة أو متوسّطة ، فلا يقع فيه هذا الإشكال والاشتباه ، ولا يمكن فيه تلك الاعتبارات المذكورة من الجهة التى اعتبرت في الأنواع الجوهريّة المركّبة من مادّة وصورة ، بل إنّ العقل عسى أن يفرض فيه هذه الاعتبارات في نفسه ، على النحو الّذي ذكره الشيخ قبل هذا الفصل في بيان إمكان انتزاع امور متعدّدة مختلفة من ذات واحدة بسيطة ، وأما في الوجود الواقعيّ ، فلا يكون منه شيء متميّز في الواقع هو جنس ، وشيء متميّز كذلك هو مادّة ، ولا شيء متميّز هو فصل ، وشيء متميّز هو صورة.
وتوضيح ذلك : أنّ للعقل في تحديد العقل أو النّفس ، بل الهيولى الاولى أيضا ، أن يعتبر أنّه جوهر من شأنه كذا وكذا ، فيعتبر الجوهر جنسا ، بناء على أنّه جنس لما تحته من الجواهر.
ويعتبر قولنا : من شأنه كذا وكذا ، فصلا محصّلا له نوعا متحصّلا ، ويعتبر الجنس باعتبار كونه بشرط ذلك الفصل ، أو الفصل بشرط دخوله في معنى ذلك الجنس نوعا متحصّلا.
وكذلك للعقل في تحديد أجناس الأعراض ، كالكمّ والكيف والأين وغيرها ، التي هي أنواع عالية باعتبار ، إذا قلنا : إنّ معنى العرض جنس لما تحته من الأعراض ، أن يعتبر أنّه عرض من شأنه كذا وكذا ، فيعتبر العرض جنسا ، وما بعده من القيد أو القيود فصلا