مبدأ الانفعال ـ كمال ، ومن جهة القوّة التي بها يصدر عنها أفاعيل الحيوان كالتحريكات ـ أي هي مبدأ الفعل ـ كمال أيضا. وكذلك النفس المفارقة كالنفس الإنسانيّة كمال ، والنفس التي لا تفارق كالنباتيّة والحيوانيّة أيضا كمال.
ولا يخفى أيضا أنّ ما ذكره في وجه الأولويّة إنّما يتمّ لو كان اشتراك القوّة بين المعنيين اشتراكا لفظيّا ، فإنّه لو كان اشتراكها بينهما معنويّا كما هو المحتمل ، بل الظاهر من كلماتهم كما سنبيّنه ، وأريد بها في التحديد القدر المشترك بينهما ، لم يتوجّه ما ذكره في وجه الأولويّة ، بل كان ذكر القوّة في تحديد النفس من قبيل ذكر الكمال ، في كون الاطلاق على المعنيين بمعنى واحد مشتركا ، وكونه جامعا لجميع أنواع النفس ، ولا تفاوت بينهما إلّا في الدلالة على كون النفس كمالا للنبات والحيوان ، كما في صورة ذكر الكمال ، وعدم الدلالة على ذلك كما في صورة ذكر القوّة. وهذه الدلالة ـ على تقدير إمكان كونها وجها للأولويّة المذكورة ـ أنّما تكون وجها آخر غير ما ذكره الشيخ ، وكلامنا إنّما هو في الوجه الذي نظره إليه.
وأمّا بيان احتمال كون اشتراك القوّة ـ بالمعنى المراد هاهنا ـ اشتراكا معنويّا بين المعنيين وبين جميع أنواع النّفس ، فلأنّك بعد ما أحطت خبرا بتفاصيل ما نقلنا عن الشيخ في إلهيّات الشّفاء من معاني لفظ القوّة ، وما نقلنا عن صدر الأفاضل (وكأنّه تلخيص ما في الشفاء من وجه) ، علمت أنّ لفظة القوّة ، وإن اطلقت لغة واصطلاحا على معان متعدّدة ، إلّا أنّ المعنى المناسب الذي به يصحّ إطلاق هذه اللفظة على النّفس ، نباتيّة كانت أم حيوانيّة ، هو القوّة ، بمعنى مبدأ التغيّر من شيء في آخر من حيث إنّه آخر ، حيث إنّ النّفس أيضا من جهة أفاعيلها وتحريكاتها مبدأ التغيّر في بدنها ، من حيث إنّ البدن غيرها ذاتا ؛ وكذلك هي من جهة إحساساتها وإدراكاتها وانفعالاتها مبدأ التغيّر في آلاتها ، من حيث إنّها غيرها ذاتا ، وكذا في نفسها ، من حيث إنّها غيرها بهذا الاعتبار.
وبالجملة ، فالمعنى الذي به يصحّ إطلاق لفظ القوّة على النّفس لو أطلق ، إنّما هو هذا المعنى ، لا غيره من المعاني الأخر المذكورة ؛ وكأنّه لذلك ترى المحقّق الطوسيّ (ره) في