مختلفة ومراتبها متفاوتة.
فإنّ الصورة المادّيّة يعرض (١) لها بسبب المادّة أحوال وأمور ليست هي (٢) لذاتها ـ من جهة ما هي ـ تلك الصورة ، فتارة يكون النزع عن المادّة نزعا مع تلك العلائق كلّها أو بعضها ، وتارة يكون النزع نزعا كاملا ، وذلك بأن يجرّد الشيء عن المادّة وعن اللواحق التي لها (٣) من المادّة ، مثاله : أنّ الصّورة الإنسانيّة والماهيّة (٤) الإنسانيّة طبيعة لا محالة تشترك فيها أشخاص النوع كلّها بالسويّة ، وهي يحدّها (٥) شيء واحد ، وقد عرض لها أن وجدت في هذا التشخّص (٦) فتكثّرت ، وليس لها ذلك من جهة طبيعتها الإنسانيّة ، ولو كانت (٧) للطبيعة الإنسانيّة ما يجب فيها التكثّر ، لما كان يوجد إنسانا (٨) محمولا على واحد بالعدد. ولو كانت الإنسانيّة موجودة لزيد لأجل أنّها إنسانيّة (٩) ، لما كان لعمرو. فإذن أخذ (١٠) العوارض التي تعرض للإنسانيّة من جهة المادّة (١١) هي هذا النوع من التكثّر والانقسام ، ويعرض لها أيضا (١٢) هذه من العوارض ، وهو أنّها إذا كانت في مادّة (١٣) ، حصلت بقدر من الكمّ والكيف والوضع والأين ، وجميع هذه امور غريبة عن طبائعها ، وذلك لأنّه لو كانت الإنسانيّة على هذا الحدّ ، وحدّ آخر من الكمّ والكيف والأين والوضع لأجل أنّها إنسانيّة ، لكان يجب أن يكون كلّ إنسان مشاركا للآخر في تلك المعاني ، ولو كانت لأجل الإنسانيّة على حدّ آخر وجهة اخرى من الكمّ والكيف والأين والوضع ، لكان كلّ إنسان (١٤) أن يشترك فيه ، فإنّ (١٥) الصورة الإنسانيّة بذاتها غير مستوجبة أن يلحقها شيء من هذه اللواحق العارضة لها ، بل من جهة المادّة ، لأنّ المادّة التي تقارنها تكون قد لحقتها هذه اللواحق. فالحسّ يأخذ الصورة عن المادّة مع هذه اللواحق ومع وقوع نسبة بينها وبين المادّة ، إذا زالت تلك النسبة بطل ذلك الأخذ ، وذلك لأنّه لا ينزع الصورة عن المادّة مع جميع لواحقها ، ولا يمكنه أن يستثبت بتلك (١٦) الصورة إن غابت المادّة ، فيكون كأنّه لم ينزع (١٧) الصورة عن المادّة نزعا محكما ، بل يحتاج إلى وجود المادّة أيضا في أن تكون
__________________
(١) في المصدر : تعرض ...
(٢) ليست هي لها بذاتها ... المعنى ...
(٣) له من جهة المادة ...
(٤) الماهيّة ...
(٥) بحدّها ...
(٦) هذا الشخص وذلك الشخص فتكثّرت ...
(٧) ولو كان ...
(٨) إنسان ...
(٩) إنسانيّته ، لما كانت ...
(١٠) أجد ...
(١١) هي ...
(١٢) أيضا غير هذا من ...
(١٣) مادّة ما ...
(١٤) إنسان يجب أن ...
(١٥) فإذن الصورة ...
(١٦) تلك ...
(١٧) لم ينتزع الصورة إن غابت المادة ، فيكون كأنّه لم ينتزع الصورة.