لا الله تعالى ، أو هو الذى لمّا قال لهم ذلك وآيسهم حملهم على ترك الطّاعة والانهماك فى المعاصى ، فهو الذى أوقعهم فى الْهَلَاكِ.
وأما الضّمّ فمعناه أنه إذا قال لهم ذلك فهو أَهْلَكُهُمْ : أى أكثرهم هلاكا. وهو الرّجل يولع بعيب الناس ويذهب بنفسه عجبا ، ويرى له عليهم فضلا.
(ه) وفى حديث الدّجّال ، وذكر صفته ، ثم قال «ولكنّ الْهُلْكَ (١) كلّ الهلك أنّ ربّكم ليس بأعور» وفى رواية «فإمّا هَلَكَتْ هُلَّكٌ (٢) فإن ربّكم ليس بأعور» الْهُلْكُ : الهلاك. ومعنى الرواية الأولى : الهلاك كلّ الهلاك للدّجال ؛ لأنه وإن ادّعى الرّبوبيّة ولبّس على الناس بما لا يقدر عليه البشر ، فإنه لا يقدر على إزالة العور ، لأن الله تعالى منزّه عن النّقائص والعيوب.
وأما الثّانية : فَهُلَّكٌ ـ بالضم والتشديد ـ جمع هَالِكٍ : أى فإن هَلَكَ به ناس جاهلون وضلّوا ، فاعلموا أن الله ليس بأعور. تقول العرب : افعل كذا إمّا هَلَكَتْ هلّك ، وهُلُكٌ ، بالتخفيف ، منوّنا وغير منوّن. ومجراه مجرى قولهم : افعل ذاك على ما خيّلت (٣) : أى على كلّ حال.
وهُلُكٌ : صفة مفردة بمعنى هَالِكَة ، كناقة سرح ، وامرأة عطل ، فكأنه قال : فكيفما كان الأمر فإنّ ربّكم ليس بأعور.
(ه) وفيه «ما خالطت الصّدقة مالا إلّا أَهْلَكَتْهُ» قيل : هو حضّ على تعجيل الزكاة من قبل أن تختلط بالمال بعد وجوبها فيه فتذهب به.
وقيل : أراد تحذير العمّال عن اختزال شيء منها وخلطهم إيّاه بها.
وقيل : هو أن يأخذ الزكاة وهو غنىّ عنها.
__________________
(١) فى الأصل ، واللسان : «ولكن الهلك» وأثبته بالنصب من ا ، والهروى ، والفائق ١ / ٥٥٤
(٢) فى الهروى : «فإمّا هلك كلّ الهلك» وفى اللسان : «فإما هلك الهلك» ويوافق ما عندنا الفائق ١ / ٥٥٥.
(٣) فى الأصل ، وا : «تخيّلت» وما أثبت من اللسان والفائق. قال فى الأساس : «وافعل ذلك على ما خيّلت : أى على ما أرتك نفسك وشبّهت وأوهمت».