وفى حديث خيبر «غدا إلى النَّطَاةِ» هى علم لخيبر أو حصن بها ، وهى من النَّطْوِ : البعد. وقد تكرّرت فى الحديث. وإدخال اللام عليها كإدخالها على حارث وعباس. كأنّ النّطاة وصف لها غلب عليها.
(باب النون مع الظاء)
(نظر) (س) فيه «إن الله لا يَنْظُرُ إلى صوركم وأموالكم ، ولكن إلى قلوبكم وأعمالكم» معنى النَّظَرِ هاهنا الاختيار والرحمة والعطف ؛ لأنّ النظر فى الشاهد دليل المحبّة ، وترك النظر دليل البغض والكراهة ، وميل الناس إلى الصور المعجبة والأموال الفائقة ، والله يتقدّس عن شبه المخلوقين ، فجعل نظره إلى ما هو السّرّ واللّبّ ، وهو القلب والعمل. والنّظر يقع على الأجسام والمعانى ، فما كان بالأبصار فهو للأجسام ، وما كان بالبصائر كان للمعانى.
ومنه الحديث «من ابتاع مصرّاة فهو بخير النّظرين» أى خير الأمرين له ، إمّا إمساك المبيع أو ردّه ، أيّهما كان خيرا له واختاره فعله.
وكذلك حديث القصاص «من قتل له قتيل فهو بخير النَّظَرَيْنِ» يعنى القصاص والدية ، أيّهما اختار كان له. وكلّ هذه معان لا صور.
(ه) وفى حديث عمران بن حصين رضى الله عنه «قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : النظر إلى وجه عليّ عبادة» قيل (١) : معناه أنّ عليا رضى الله عنه كان إذا برز قال الناس : لا إله إلا الله ، ما أشرف هذا الفتى! لا إله إلا الله ، ما أعلم هذا الفتى! لا إله إلا الله ، ما أكرم هذا الفتى! أى ما أتقى ، لا إله إلا الله ، ما أشجع هذا الفتى! فكانت رؤيته تحملهم على كلمة التوحيد.
[ه] وفيه «إن عبد الله أبا النبى صلىاللهعليهوسلم مرّ بامرأة تنظر وتعتاف ، فرأت فى وجهه نورا ، فدعته إلى أن يستبضع منها وتعطيه مائة من الإبل ، فأبى» تنظر : أى تتكهّن ، وهو نظر تعلّم وفراسة.
__________________
(١) القائل هو ابن الأعرابى ، كما فى الهروى.