كونه تعالى موجدا للعالم ، حاصلا في الأزل. لكنا بينا أن هذا الكلام باطل.
الثاني : إن [ما (١)] كان ممتنعا لذاته ، يستحيل أن ينقلب ممكنا [لذاته (٢)] ويدل عليه وجوه :
الأول : إن كون الممكن ممكنا ، إما أن يكون من لوازم تلك الماهية ، أو من عوارضها. فإن كان الأول [لزم (٣)] أن يقال : الممكن ممكن أبدا. وعلى هذا التقدير [فإنه يمتنع أن يقال : الممتنع لذاته ينقلب ممكنا لذاته. وإن كان الثاني فحينئذ (٤)] يكون الإمكان من عوارض تلك الماهية. فتكون تلك الماهية قابلة لذلك الإمكان ، إن كان من اللوازم. فقد حصل المطلوب. وإن كان من العوارض كان الكلام فيه كما (٥) في الأول. فيلزم التسلسل.
الثاني : وهو أن هذه الماهية من حيث هي هي مع قطع النظر عن كل ما سواه ، إما أن يحصل [فيها (٦)] تنزه (٧) عن قبول الموجودات (٨) أو لا يحصل فيها هذا التنزه (٩) فإن كان الأول وجب أن يكون ممتنع الوجود أبدا ، وإن كان الثاني وجب أن يكون ممكن الوجود أبدا. فأما القول بأنه يكون ممكنا لذاته في بعض الأوقات ، وممتنعا لذاته في غير تلك الأوقات ، فهو على خلاف صريح العقل.
الثالث : إنا لو جوزنا انقلاب الممتنع لذاته ممكنا لذاته ، فلم لا نعقل أن ينقلب الممكن لذاته واجبا لذاته ، وينقلب الممتنع لذاته واجبا لذاته؟ وحينئذ لا يبعد أن يقال : إن المحدث قبل وجوده كان ممتنعا لذاته ، وعند دخوله في الوجود انقلب واجبا لذاته ، وحينئذ لا يمكنكم الاستدلال بحدوث المحدثات ، وإمكاناتها على واجب الوجود لذاته.
__________________
(١) من (ت).
(٦) من (ط).
(٢) من (ط ، س).
(٧) نبوة (ط).
(٣) من (ت).
(٨) الوجود (ط).
(٤) من (ت).
(٩) هذه النبوة (ط).
(٥) كالكلام (ط).