وأما الجواب السادس (١) : وهو قولهم : إن إرادة الله تعالى لو تعلقت بإحداث العالم في وقت آخر ، لكان السؤال المذكور عائدا ، وهو أن يقال : ولم تعلقت إرادته سبحانه بإحداث العالم في ذلك الوقت دون هذا الوقت؟ ولما كان هذا السؤال عائدا على كل التقديرات ، كان [السؤال (٢)] ساقطا. فنقول : هذا الجواب أيضا ضعيف. ويدل عليه وجوه :
الأول : أن نقول : بأن تأثير قدرة الله تعالى في وجود العالم إما أن يكون مختصا بوقت معين ، أو لا يكون مختصا بوقت معين. والأول باطل ، لأن تخصيص ذلك الوقت [المعين (٣)] بذلك الإيجاد من غير مخصص يوجب رجحان أحد طرفي الممكن على الآخر لا لمرجح. وهو محال. ولما بطل هذا القسم تعين القسم الثاني ، وهو أن يقال : تأثير قدرة الله [تعالى (٤)] في وجود العالم غير مختص بوقت معين ، بل هو دائم الحصول في كل الأوقات. وذلك يقتضي كون (٥) العالم موجودا أبدا سرمدا. وعند هذا يظهر أن المحال غير لازم على كل الأقسام ، بل هو لازم على أحد القسمين ، ولما كان هذا القسم مستلزما للمحال ، ثبت أن مستلزم المحال : محال ، ثبت أن هذا القسم [محال (٦)] ولزم منه : أن يكون الحق هو القسم الثاني ، وهو أن يكون تأثير قدرة الله تعالى في وجود (٧) العالم غير مختص بشيء من الأوقات البتة ، بل هو ثابت أزلا وأبدا.
فيثبت : أن هذا الجواب في غاية الضعف. فإن قالوا : وكذلك القول بالتأثير الدائم أيضا : باطل. لأن إيجاد الفعل في الأزل : محال. فنقول : فهذا
__________________
(١) الثالث (ت).
(٢) السؤال (ط).
(٣) من (ط ، س).
(٤) من (ت).
(٥) وجود (ط).
(٦) من (ط).
(٧) حق (ت)