المقدمة الثالثة
قالوا : قد ثبت بالدليل : أن إله العالم ليس علة موجبة بالذات ، بل فاعل بالاختيار ، وثبت : أنه متى كان فاعلا مختارا ، واجب أن يكون فعله محدثا. وإذا (١) ثبت أن فعله محدث ، لزم أن يقال : إنه كان تاركا للفعل من الأزل إلى ذلك الوقت ، وإذا ثبت هذا فنقول : إنه لا يجوز أن يبتدئ الإله الحكيم بالفعل ، بعد أن كان تاركا له مدة غير متناهية. والذي يدل (٢) عليه وجوه [من الشبهات :
الشبهة] الأولى : إنه إما أن يقال : بأن هذا الوقت اختص بخاصية ، لأجلها استحق أن يخصه الفاعل الحكيم بالشروع في التكوين والتخليق (٣) فيه. وإما أن يقال : إنه لم توجد هذه الخاصية. والأول باطل. لأن اختصاص ذلك [الوقت (٤)] بتلك الخاصية ، إما أن يكون لذات ذلك الوقت ، أو لشيء من لوازمه ، أو لا لذاته ، ولا لشيء من لوازم [ذاته (٥)] والأول والثاني باطلان. إذا لو جاز أن يكون ذلك الوقت المعين ، موجبا لتلك الخاصية المعينة ، جاز
__________________
(١) وإذا كان فعله (ط).
(٢) والذي لا يدل عليه وجود الأول (ت) والذي يدل عليه وجوه الأول (ط).
(٣) والتخليق والثاني أن يقال (ت).
(٤) من (ط).
(٥) من (ط).