وأبدا غير ممتنع. ونبين أن الحدوث ليس علة للحاجة ، ولا جزء من هذه العلة ، ولا شرطا لهذه العلة. وحينئذ يسقط هذا الكلام.
الثالث : إنا نقول : هذا الأزل الذي جعلتموه مانعا من الإيجاد والتكوين ، إما أن يكون واجب الثبوت لذاته ، أو ممكن الثبوت لذاته. فإن كان الأول ، فإنه يمتنع (١) الزوال. فحينئذ يلزم أن لا يوجد الفعل أبدا. وإن كان الثاني فحينئذ يكون ممكنا ، فيفتقر إلى المرجح. وكل مفتقر إلى المرجح ، فإنه ليس أزليا عند القائلين بهذا الجواب.
ينتج : أن مسمى الأزل واجب أن لا يكون أزليا. وعلى هذا التقدير فإن الذي جعلوه [مانعا (٢)] من الفعل غير حاصل في الأزل. وذلك هو المطلوب.
الرابع : إن هذا الذي سميتموه بالأزل ، هل هو وقت متعين في نفسه ، موجود في ذاته ، أم لا؟ فإن كان وقتا متعينا في نفسه موجودا بذاته ، فهو وقت مشار إليه ، فهو ليس بالأزل. بل كل ما يقع فيه فإنه يكون واقعا في وقت محدود له أول. فلا يكون المانع من الفعل والتكوين حاصلا. وأما إن كان ذلك الوقت ليس وقتا موجودا في نفسه ، متعينا في ذاته ، فهذا مما لا وجود له في الخارج البتة ، وإنما وجوده في الأوهام والأذهان. ومثل هذه الخيالات والأوهام لا تكون مانعة من الشيء في نفس الأمر.
وأما الجواب الخامس : وهو قولهم : [لم (٣)] لا يجوز أن يقال : العالم كان ممتنع الوجود بعينه ، ثم انقلب ممكن الوجود لعينه؟ فنقول : هذا أيضا ضعيف. ويدل عليه وجهان :
الأول : إن إمكان العالم أحد الأمور المعتبرة في كونه تعالى موجدا للعالم ، فإن (٤) كان هذا الإمكان غير حاصل في الأزل ، لم تكن كل الأمور المعتبرة في
__________________
(١) كان ممتنع.
(٢) من (ط).
(٣) من (ط).
(٤) فإذا (ط).