الحرف. لكنّا بالدليل (١) القاهر بينا صحته.
الوجه الثاني في بيان ضعف هذا الجواب : أن نقول : تعليل الإرادة بالعلم باطل. وذلك لأن العلم يتبع المعلوم ولا يستتبعه (٢) فالعلم يتعلق بالشيء على ما هو عليه ، فإن كان حدوث العالم مختصا بذلك الوقت ، فحينئذ يتعلق علم الله باختصاص حدوث العالم بذلك الوقت ، وإذا ظهر أن العالم يتبع المعلوم فنقول : علم الله إنما يتعلق باختصاص حدوث العالم بذلك الوقت ، لو كان [ذلك (٣)] الحدوث مختصا بذلك الوقت ، لكنكم زعمتم : أن الحدوث إنما اختص بذلك الوقت ، لأن إرادة الله تعالى اقتضت تخصيص إحداث العالم بذلك الوقت ، فلو عللنا هذه الإرادة بذلك العلم ، لزم الدور. وأنه باطل.
والوجه الثالث في إبطال هذا الجواب : أن نقول : إن مع حصول هذا العلم المخصوص ، إما أن تكون الإرادة صالحة لتخصيص إحداث العالم بسائر الأوقات ، أو لا تصلح. فإن صلحت لم يكن هذا العلم (٤) سببا لذلك الاختصاص ، وإن لم تصلح فحينئذ يكون إله العالم موجبا بالذات ، لا فاعلا بالاختيار. وهذا عندكم باطل. وبتقدير ثبوته فيلزم قدم العالم.
وأما الجواب الرابع : وهو قولهم : إنما امتنع حصول الإيجاد في الأزل ، لأن الأزل مانع من الإيجاد. فنقول : هذا الجواب أيضا ضعيف. ويدل عليه وجوه :
الأول : إن على هذا التقدير يكون أحد الأمور المعتبرة في صحة الإيجاد هو زوال الأزل. فيرجع حاصل هذا الكلام إلى أن كل ما لا بد منه في المؤثرية ، ما كان حاصلا في الأزل. لكنا أبطلنا هذا الكلام بالبرهان اليقيني.
الثاني : إنا سنقيم الدلائل القاهرة على أن استناد (٥) الممكن إلى المؤثر أزلا
__________________
(١) بالدلائل القاهرة (ط).
(٤) العالم (ت).
(٢) يسبقه (ت).
(٥) إن إسناد.
(٣) من (ت).