المقدار عنه. فإنه لا يتفاوت شيء من مصالح المكلفين البتة. فيثبت : أن هذا الذي قالوه فاسد.
الحجة السادسة : إن كل مصلحة يمكن عودها إلى واحد من المكلفين ، فتلك المصلحة لا معنى لها إلّا إيصال نفع في الدنيا أو في الآخرة إليه ، ولا معنى للنفع إلا اللذة والسرور ، أو دفع الألم والغم ، وكل ذلك فإنه تعالى قادر على إيصاله إلى المكلف ، سواء خلق [العالم] (١) في ذلك الوقت ، أو خلقه في وقت آخر. فيثبت : أنه لا تختلف أحوال الخلق في المصالح والمفاسد ، بسبب حدوث العالم في الوقت المعين ، أو عدم حدوثه في ذلك الوقت. فقد ظهر بهذه البيانات : ضعف هذا الجواب. [والله أعلم (٢)]
وأما الجواب الثالث : وهو قولهم : إنه تعالى إنما خص إحداث العالم بذلك الوقت ، لأنه تعالى علم (٣) في الأزل أن العالم يحدث في ذلك الوقت ، وخلاف معلوم الله ممتنع الوقوع. فنقول : هذا الجواب أيضا ضعيف. ويدل عليه وجوه :
[الوجه] الأول (٤) : أن نقول : إن على سياق كلامكم ، يكون حصول ذلك الوقت الذي علم الله تعالى ، أن العالم يحدث فيه أحد الأمور التي لا بد منها في حدوث العالم. فنقول : ذلك الوقت هل (٥) كان حاضرا في الأزل أو ما كان حاضرا في الأزل؟ فإن كان الأول لزم حصول العالم في الأزل ، وإن كان الثاني فنقول : إن حضور (٦) ذلك الوقت أحد الأمور المعتبرة في حدوث العالم ، وأنه ما كان حاضرا. فهذا يقتضي أن جملة الأمور المعتبرة في كونه تعالى موجدا للعالم ، ما كانت حاضرة. فيثبت : أن حاصل هذا الجواب يرجع إلى هذا
__________________
(١) من (ط ، س).
(٢) من (ط ، س).
(٣) عالم (ط).
(٤) من (ط).
(٥) هل (ط).
(٦) حصول (ت).