وقت آخر ، ولزم التسلسل. ثم [إن (١)] ذلك التسلسل إن وقع دفعة واحدة فهو محال ، لما ثبت أن القول بإثبات أسباب ومسببات لا نهاية لها دفعة واحدة : محال. وإن كان بحيث يكون كل واحد منها مسبوقا بآخر ، لا إلى أول ، كان هذا قولا بأنه تعالى موجد لهذه الحوادث من الأزل إلى الأبد. وهو المطلوب.
الحجة الرابعة : هي : أن تلك الإرادة ، لما لم تقتض إحداث العالم فيما قبل ذلك ، وإنما (٢) اقتضت إحداث العالم في ذلك الوقت [المعين (٣)] فهذا يوجب أن يكون وقت الفعل متميزا عن وقت الترك ، بخاصية لأجلها اقتضت الإرادة إيقاع الفعل فيه لا في غيره ، وذلك يقتضي قدم الأوقات. والخصم لا يقول به.
الحجة الخامسة : أن نقول : إن ذلك الوقت ، إما أن يكون مساويا لسائر الأوقات في تمام الماهية ، أو لا يكون. فإن كان الأول كانت نسبة تلك الإرادة إلى ذلك الوقت ، كنسبتها إلى سائر الأوقات ، ضرورة [أن (٤)] المتماثلات يجب استواؤها في جميع الأحكام، وذلك يبطل القول بأن تعلق الإرادة بإحداث العالم في ذلك الوقت واجب ، وأن تعلقها بإحداث العالم في غير ذلك الوقت ممتنع : كلام باطل. وإن كان الثاني ، وهو أن كل جزء من أجزاء الزمان ، فإنه مخالف بالماهية للجزء الآخر ، فحينئذ يلزم أن يكون مرور الوقت عبارة عن تعاقب تلك الحوادث المختلفة ، وتوالي تلك الحقائق المتلاصقة ، وهذا عين القول بأن كل حادث مسبوق بحادث آخر ، لا إلى أول.
الحجة السادسة : إنا سنبين بالوجوه الكثيرة : أن قولنا : إنه تعالى أراد في الأزل أن يحدث العالم فيما لا يزال في الوقت المعين ، يفيد أنه تعالى كان في الأزل ، قد عزم على الإيجاد فيما لا يزال.
__________________
(١) من (ت).
(٢) وإن (ت).
(٣) من (ط)
(٤) من (ط ، س)