وستة أخرى ليلا. ويكون هناك رياح عاصفة ، وتشتد ظلمته. ويدل عليه البحر الأرمني ، فإنه أقرب إلى مدار الشمس من الموضع المذكور بكثير ، مع أنه تشتد فيه الرياح العواصف ، وتشتد ظلمته ، حتى لا يمكن ركوبه لشدة برده وظلمته. ويستدل عليه أيضا بالبحر الشامي، فإنه إذا صارت الشمس في أوائل «العقرب» إلى أن تصير إلى أوائل «الحوت» ففي هذه الأشهر لا يستطيع الناس ركوبه.
والوجه الثامن : أن الاستقراء يدل على أن السبب الظاهر لاختلاف الناس في أجسامهم وألوانهم وأخلاقهم وطبائعهم وسيرهم : [اختلاف (١)] أحوال الشمس في الحركة. وذلك لأن الناس على ثلاثة أقسام. أحدها : الذين يسكنون (٢) خط الإستواء إلى ما يقرب من المواضع التي يحاذيها ممر رأس «السرطان» وهم يسمّون بالاسم العام : «السودان» والسبب فيه أن الشمس تنزل على سمت رءوسهم في السنة. إما مرة أو مرتين ، فتحرقهم وتسود أبدانهم وشعورهم. والذين مساكنهم أقرب إلى خط الإستواء فهم «الزنج» و «الحبشة» فإن الشمس لقوة تأثيرها في مساكنهم تحرق شعورهم وتسودها ، وتجعلها جعدة وكثيفة فحلة ، وجثثهم عظيمة ، وأخلاقهم وحشية ، وأما الذين مساكنهم [أقرب (٣)] إلى محاذاة ممر رأس السرطان ، فالسواد فيهم أقل ، وطبائعهم أعدل ، وأخلاقهم ألين ، وأجسامهم أضعف. وهم أهل «الهند» و «اليمن» وبعض «المغاربة» [وكل العرب (٤)]
وأما القسم الثاني من أهل الأرض : فهم الذين مساكنهم على ممر رأس «السرطان» إلى [محاذاة (٥)] «بنات نعش الكبرى» وهم يسمّون بالاسم العام «البيضان» وهؤلاء لأجل أن الشمس لا تسامت رءوسهم ، ولا تبعد أيضا عنهم بعدا
__________________
(١) من (ت)
(٢) يكونون بخط (ت)
(٣) من (ت)
(٤) من (ت)
(٥) من (س)