أفنت الرطوبات وأحالتها كلها إلى النارية. ولم تتكون المتولدات. فيكون الموضع المحاذي لممر الشمس على كيفية الاحتراق ، والموضع البعيد عنه على كيفية البرد ، والمتوسط بينهما [على كيفية (١)] متوسطة. فيكون في موضع : شتاء دائم ، فيه النهوة والفجاجة. وفي موضع آخر صيف دائم ، يوجب الاحتراق. وفي موضع آخر ربيع ، وآخر خريف. لا يتم فيه النضج. وأيضا : لو لم تكن عودات متتالية للشمس ، بل كانت تتحرك بطيئة ، لكان هذا الميل (٢) قليل النفع ، وكان التأثير شديد الإفراط ، فكان يعرض قريبا ، مما لو لم يكن ميل. ولو كانت حركتها أسرع من هذه ، لما كملت المنافع وما تمت. فأما إذا كان هناك ميل ، يحفظ [الحركة في جهة : ثم تنتقل عنها إلى جهة أخرى ، بمقدار الحاجة ، وتبقى في كل (٣)] جهة برهة من الدهر : تم بذلك تأثيرها وكملت منفعتها.
الوجه السادس من منافع وجود الشمس : إنه تعالى حركها. بحيث يحصل لها في الحركة أوج وحضيض ، فعند حصولها في الأوج تبعد عن الأرض ، وعند حصولها في الحضيض تقرب من الأرض. وبسبب القرب من الأرض ، تعظم السخونة من المواضع التي يحاذيها مدار الحضيض ، والسخونة جاذبة للرطوبات ، فلا جرم تجذب البخار إلى الجانب الذي يسامته حضيض الشمس ، وإذا انجذب البخار إلى ذلك الجانب ، انكشف الجانب الذي يحاذيه الأوج ، ولم يبق البحر على وجهه ، فصار أحد جوانب الأرض ، صالحا لمساكن الحيوانات البرية. لا سيما الإنسان الذي هو أشرف الحيوانات الموجودة في عالم الكون والفساد.
الوجه السابع من منافع الشمس : إن كان موضع تكون الشمس بعيد جدا عن مسامتها ، اشتد البرد فيه. مثل الموضعين اللذين تحت القطبين ، فإنه لا يتكوّن هناك حيوان، ولا ينبت فيه نبات ويكون هناك ستة أشهر نهارا ،
__________________
(١) من (س)
(٢) الليل (ط)
(٣) من (ط ، س)