ذلك المانع لما كان ممكنا لذاته ، وجب أن يكون لوجود مؤثر. وذلك المؤثر إما موجب بالذات ، أو فاعل بالاختيار. فإن كان الأول لزم من دوام ذلك الموجب دوام هذا المانع ، ويلزم من دوام هذا المانع ، دوام الامتناع. وإن كان الثاني فنقول (١) كل ما كان فعلا لفاعل مختار ، لم يكن أزليا. فيلزم أن يقال : إن مسمى الأزل لا يكون أزليا ، وذلك محال.
الوجه الرابع : وهو أن حاصل ما ذكرتم ، يرجع إلى أن المكنة والقدرة على الإيجاد ، ما كانت حاصلة في الأزل. إلا أنكم تقولون : إن عدم المكنة ليس لعدم المقتضى ، لكن لقيام المانع. إلا أن على كلا التقديرين ، ففيه تسليم أن هذه المكنة غير حاصل (٢) وذلك مساعدة على المطلوب. وأما السؤال الثاني وهو المعارضة بالموجب ، فساقط. وذلك لأن المعلول بدوام العلة الموجبة : أمر معقول [غير منكر. أما كون المختار موجدا بالقصد والاختيار ، لما كان موجودا في الأزل ، فهو غير معقول (٣)] فظهر الفرق بين البابين [والله أعلم (٤)]
الحجة الثالثة : وهو أنه لما صح من القادر الفعل ، بدلا عن الترك ، وبالضد منه. فإما أن لا يتوقف رجحان أحد الطرفين على الآخر على مرجح ، أو يتوقف (٥)؟ وهذه الحجة [هي الحجة (٦)] القوية للقوم ، وعليها تعويلهم. وقد شرحناها بالاستقصاء التام في باب القادر ، ولا بأس بأن نعيدها بعبارة أخرى. فنقول :
أما القسم الأول : وهو أنه لا يتوقف على انضمام المرجح إليه : فهذا باطل. ويدل عليه وجهان :
__________________
(١) فنقول ما كان فعلا (ط ، س)
(٢) حاصلة (ط)
(٣) من (ط ، س)
(٤) من (ط)
(٥) فإما أن يتوقف ... لا لمرجح ، أو لا يتوقف (ت)
(٦) من (س)